من الله علّمنيه الله لا تعلمه (١)، فقال موسى عليه السّلام: ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمّا عُلِّمْتَ رُشْداً (٦٦) قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٦٧) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً (٦٨) قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً﴾ قال له الخضر: ﴿فَإِنِ اِتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً﴾ (٧٠) [الكهف: ٦٦ - ٧٠]، قال:
نعم، فانطلق الخضر وموسى عليهما السّلام يمشيان على ساحل البحر، فمرّت بهما سفينة، فكلماهم أن يحملوهما، فعرفوا الخضر، فحملوهما بغير نول، فعمد الخضر إلى لوح من ألواح السفينة فنزعه، قال موسى: قوم حملونا بغير نول فعمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا، ﴿قالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٧٢) قالَ لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً﴾ (٧٣) [الكهف: ٧٢ - ٧٣]، ثم خرجا من السفينة، فبينا (٢) هما يمشيان على الساحل إذا غلام يلعب مع الصبيان، فأخذ الخضر برأسه فاقتلعه بيده فقتله، فقال له موسى: ﴿أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً (٧٤) قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ﴾ (٢٠٢ ظ) ﴿إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً﴾ (٧٥) [الكهف: ٧٤ - ٧٥]، قال: وهذه أشدّ من الأولى (٣)، ﴿قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً (٧٦) فَانْطَلَقا حَتّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اِسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ﴾ [الكهف: ٧٦ - ٧٧] يقول: مائل، قال الخضر بيده هكذا فأقامه، قال له موسى: قوم أتيناهم فلم يضيّفونا، ولم يطعمونا، ولو شئت لاتّخذت عليه أجرا، ﴿قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً﴾ [الكهف: ٧٨]، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: رحم الله موسى، لوددنا أنّه كان (٤) صبر حتى يقصّ علينا من أخبارهم. وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: الأولى كانت (٥) من موسى نسيانا. قال: وجاء (٦) عصفور حتى وقع على حرف السفينة، ثمّ نقر في البحر، فقال له الخضر عليه السّلام: ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من البحر. (٧) وذكر الكلبيّ هذا الحديث عن أبي صالح، عن ابن عباس
_________
(١) ك: لا تعلم.
(٢) ك: فبينما.
(٣) (وهذه أشد من الأولى)، ساقطة من ك.
(٤) ساقطة من ع.
(٥) الأصول المخطوطة: كان. والتصحيح من مصادر التخريج.
(٦) أ: فجاء.
(٧) أخرجه البخاري في الصحيح (١٢٢)، ومسلم في الصحيح (٢٣٨٠)، والترمذي في السنن (٣١٤٩)، وأبو عوانة في المسند ٣/ ٤٣٠.


الصفحة التالية
Icon