شيء لم ينظر إلى مثله، فطاف فيها ساعة، ثمّ قال له ملك الموت: انطلق بنا فلنخرج (١)، قال:
فينطلق (٢) إلى شجرة، فيتعلّق بها، ثمّ يقول (٣): والله لا أخرج حتى يكون الله هو يخرجني، قال له ملك الموت: إنّه ليس بحينها ولا زمانها، وإنّما طلبت إليهم لترى، فانطلق بنا، فأبى (٤)، قال:
فقيّض الله له ملكا من الملائكة، قال له ملك الموت: اجعل هذا الملك بيني وبينك، قال: نعم، قال: ما تقول يا ملك الموت؟ قال: أقول: إنّي استأذنت الله في خلّة إدريس، فأذن لي، فهبطت، فكنت معه حينا، ثمّ سألني أن أذيقه الموت، فأذقته، فأصابه من شدّته، ثمّ سألني أن أريه النار، فأري، فأصابه من شدّتها، ثمّ سألني أن أريه الجنة، فطلبت له، فأري، فدخلها، وإنّه أبى أن يخرج، فأخبرته أنّه ليس بحينها ولا زمانها، قال: ما تقول يا إدريس؟ قال: أقول: إنّ الله تعالى قال: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ [آل عمران: ١٨٥] وقد ذقته، ويقول الله: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وارِدُها﴾ [مريم: ٧١]، أي: النار، وقد وردتها، ويقول الله لأهل الجنة: ﴿وَما هُمْ مِنْها (٥)﴾ بِمُخْرَجِينَ [الحجر: ٤٨]، فو الله لا أخرج منها أبدا حتى يكون الله يخرجني منها، فسمع هاتفا من فوقه: بأمري دخل، وبأمري فعل، فخلّ سبيله، فذلك قوله: ﴿وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا.﴾
وعن الكلبيّ، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: إنّ إدريس كان يصعد له من العمل كلّ يوم مثل ما يصعد لجميع (٦) الناس، فطلب ملك الموت إلى ربّه، فهبط إليه، قال: فلمّا كلّمه إدريس، قال: اصعد بي إلى السماء، فأصعده (٧) معه، فلما انتهى إلى السماء السادسة مرّ به ملك، فقال الملك لملك الموت: أين تريد؟ قد بعث إلى رجل من بني آدم أن تقبض روحه في السماء السادسة، فالتفت إلى إدريس، وقبض روحه في السماء السادسة.
ويجوز أن يكون المراد ب‍ (المكان العليّ): الرتبة العليّة.
٥٨ - ﴿مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ:﴾ وجده شيث وإدريس.
﴿وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ:﴾ ابنه الأكبر (٢٠٩ ظ) سام، والأنبياء من ذريّة سام: هود وصالح وشعيب ولوط وأيوب، والله أعلم بغيره من المحمولين كيافث وحام وغيرهما.
_________
(١) ع: فلنخرج.
(٢) ع: فانطلق.
(٣) ع: قال.
(٤) ساقطة من ع.
(٥) الأصل وك وأ: عنا، وهذا من ع.
(٦) أ: بجميع.
(٧) ع: فأصعد.


الصفحة التالية
Icon