العلم لما كانوا سمعوه من موسى وهارون عليهما السّلام، أو لما كان بقي فيهم من يعقوب ويوسف والأسباط عليهم السّلام.
٧٥ - قوله: ﴿مُؤْمِناً﴾ مطابق لقوله: ﴿مُجْرِماً﴾ [طه: ٧٤].
وفي قوله: ﴿قَدْ عَمِلَ الصّالِحاتِ﴾ فائدتان: التمييز بين العمل والإيمان؛ لأنّه لو كان العمل إيمانا لكان تقديره: ومن يأته مؤمنا قد آمن، والثانية: تنبيه غير المصلحين عن المؤمنين بالسكوت عنهم، وذلك إشارة إلى خلود، أو إلى جزاء مضمر، أي: ذلك الجزاء جزاء من تزكّى.
عن ابن عباس: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مرّ وأبو بكر بن أبي قحافة والدليل الذي معهما حتى هجموا على رجل من العرب وامرأة لهما عنز، ليس لهما غيرها، قال الرجل لامرأته: ألا نذبح هذه العنز لهؤلاء النفر، وإنّي أرى قوما لهم حقّ، فقام فذبحها، فلما قاموا من نومهم أطعمهم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا سمعت برجل قد ظهر بيثرب فإنّه لعلّ الله يرزقك منه خيرا»، فلمّا سمع الرجل خروجه بيثرب قال: والله لأراه صاحبنا، فاحتمل امرأته، فأتاه، فلما صلّى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم العصر نظر في وجوه الغرباء، فمن كان له حاجة قضاها له، فقام إليه الرجل، فقال:
أتعرفني يا محمد؟ قال: نعم، قال: عدتك، قال: أحتكم ثمانين ضانية، فأعطاهنّ إيّاه، ثمّ قال: أما إنّ عجوز بني إسرائيل كانت أحكم عقيدة منك. قال الكلبي: قصة هذه العجوز، وهي سارج بنت اشترقفا بن يعقوب، إنّما كانت رأت أين دفن (١) عمّها يوسف عليه السلام، فلمّا أراد موسى عليه السّلام الخروج من مصر توقّفت بنو إسرائيل، وتحيّروا في أمرهم، وتذكّروا وصية يوسف عليه السّلام أن يخرجوا بعظامه متى خرجوا فضمن (٢) موسى عليه السّلام (٢١٤ ظ) لمن يدلّه على قبره حكمه، فدلّته هذه العجوز، واحتكمت على موسى عليه السّلام مرافقته في الجنّة، فضمن لها موسى بإذن الله تعالى. (٣)
٧٧ - ﴿فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ:﴾ بيّن لهم بضرب العصا.
﴿يَبَساً:﴾ يابسا.
٨٠ - ﴿يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ (٤)﴾ مِنْ عَدُوِّكُمْ...: الآية إن كانت ترتب قصص موسى عليه السّلام على ما قدمناه في سورة البقرة عند قوله: ﴿وَإِذْ قُلْنَا اُدْخُلُوا هذِهِ﴾
_________
(١) أ: فرعون.
(٢) أ: فمضى.
(٣) ينظر: الآحاد والمثاني ١/ ٣١٢، ومسند أبي يعلى (٧٢٥٤) عن علي بن أبي طالب وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما.
(٤) ع: أنجاكم.


الصفحة التالية
Icon