بالغد، وقال: إنّ ربّي قتل ربّكما الليلة، فسألاه شرح القصة، فقال: قد سلّط الله عليه ابنه شيرويه فقتله، وذلك لتسع ساعات مضت من الليل. وقيل: وكانت تلك الليلة ليلة الثلاثاء لعشر خلون من جمادى الأولى، قال: فدهشا، وسقط في أيديهما، ثمّ قال لهما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
انصرفا إلى باذان، فأعلماه هذا، وقولا له: إن أسلمت قررتك على ولايتك، وخلع على بابويه بردة فاخرة، وأعطى خورخسرة منطقة أهداها إليه المقوقس، فرجعا إليه، وأخبرا باذان بالقصة، وقال بابويه: ما هبت شيئا من الخلق هيبة هذا الرجل، فلم يثبت باذان إلا قليلا أن بلغه كتاب شيرويه، يخبره بالخبر، ويوعز إليه أن لا يتعرض لرسول الله إلى أن يأتيه مقال جديد. (١)
وكما كاتب رسول الله هؤلاء الملوك، كاتب ملوك الهند والصين.
١٠ - ﴿فِيهِ ذِكْرُكُمْ:﴾ قال مجاهد: حديثكم. (٢) وقيل: تذكيركم وذكراكم. (٣) وقيل:
صيرورتكم مذكورين في الغابرين، فإنّه لولا القرآن لم يذكروا بخير ولا شرّ في الأمم في أقطار الأرض، وبهذا فسّر بشر.
١١ - ﴿وَكَمْ قَصَمْنا:﴾ أهلكنا، والقصم: أن ينكسر الشيء (٤) فيبين، ومنه يقال:
أقصمت الثنيّة.
١٢ - ﴿يَرْكُضُونَ:﴾ يعدون ويسيرون هربا، وليس هذا بوصف قرية واحدة، لقوله: ﴿وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ﴾ [الأنبياء: ١١]، ولكنّ ابن عباس ذكر خبرا موافقا لهذا الوصف. روى الكلبيّ، عن أبي صالح، عن ابن عباس، أنّه قال: إنّ قرية من قرى اليمن يقال لها (٥): حضورا (٦)، أرسل إليهم، فكذبوه، ثم قتلوه، فسلّط الله عليهم بختنصر عبدا من عباده ومع جنوده، فقيل له: اغز أرضا يقال له: عربايا، يعني العرب، الذي ليست لبيوتهم أبواب، ولا (٧) أغلاق، فلا تدع شيئا ممّن له روح من طير أو سبع ولا غيره إلا قتلته، فغزاهم بالجنود، فلمّا بلغهم مسير بختنصر وأصحابه، خرجوا إليهم، فكتّبوا له الكتائب، فقاتلهم قتالا شديدا حتى حوّلوه عن منزله، ثم كتّب الكتائب، فأتوهم من بين أيديهم ومن خلفهم، فهزمهم الله، واتبعهم بختنصر بالجنود ليقتلهم، فمرّوا على دورهم منهزمين، وفيها أهلوهم وذراريهم، فلم يلووا على شيء من
_________
(١) ينظر: الطبقات الكبرى ١/ ٢٩٥، وتاريخ دمشق ٢٧/ ٣٥٧.
(٢) ينظر: تفسير مجاهد ٤٠٧.
(٣) ينظر: معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٣٨٥، وزاد المسير ٣/ ٣٨٥.
(٤) ساقطة من أ.
(٥) الأصول المخطوطة: له.
(٦) حضور: بالفتح ثم الضم وسكون الواو وراء: بلدة باليمن، سميت بحضور بن عدي بن مالك. ينظر: معجم ما استعجم ١/ ٤٤٥، ومعجم البلدان ٢/ ٢٧٢.
(٧) ع: أو.


الصفحة التالية
Icon