موتا كقوله: ﴿ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ [السجدة: ١١] وقد يكون رجعة إلى الدنيا، كقوله:
﴿قالَ رَبِّ اِرْجِعُونِ﴾ [المؤمنون: ٩٩]، فإن كان تحريم إلجاء فمجازه مع رجوع التوبة: كانوا محرومين مخذولين عن التوفيق للتوبة، ومجازه مع رجوع الموت: كان حراما عليهم في قضائنا، وتقديرنا أن يخلّدوا ولا يموتوا كقوله (١): ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ﴾ [الأنبياء: ٣٥]، ومجازه مع الرجوع إلى الدنيا: كان حراما (٢) على القرى التي أهلكناها أن لا يرجعوا إلى الدنيا، أي: سيرجعون، وهذا باطل لقوله: ﴿كَلاّ إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها...﴾ الآية [المؤمنون: ١٠٠]. والثاني: أن يكون ترجمة للتحريم، أمّا التحريم في معنى القول، أي: تحريمنا عليهم هو أنّهم لا يرجعون إلى الدنيا، وإن كان تحريم ابتلاء فمجازه مع تحريم رجوع التوبة: كان حراما على القرى التي أهلكناها أن يصرّوا ولا يتوبوا، ومع رجوع الموت لم يمنعني الكلام إلى الدنيا، لم يمنعني الكلام أيضا.
٩٦ - ﴿حَتّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ:﴾ يعني: ردمهم. عن زينب بنت جحش (٣) قالت: استيقظ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من النوم محمرّا وجهه وهو يقول: «لا إله إلا الله، يردّدها ثلاثا، ويل للعرب من شرّ قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا»، (٢٢٥ و) وعقد عشرا، وقالت زينب: قلت: يا رسول الله، أفنهلك وفينا الصالحون؟ قال: «نعم إذا كثر الخبث». (٤) ويحمل الفتح والظفر بغنائمهم (٥) وأموالهم إذا هلكوا، كقولنا: فتحنا الهند والسند، وسنفتح قسطنطينية بإذن الله.
﴿مِنْ كُلِّ حَدَبٍ:﴾ مرتفع من الأرض.
﴿يَنْسِلُونَ:﴾ يخرّبون (٦).
٩٧ - ﴿فَإِذا هِيَ:﴾ كناية عن الإبصار في محلّ الرفع بالابتداء، وخبرها ﴿شاخِصَةٌ﴾ ﴿أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا:﴾ بيان لها، كقوله: ﴿فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ﴾ [الحج: ٤٦]. وقيل:
_________
(١) ع: لقوله.
(٢) (عليهم في قضائنا... كان حراما) ساقطة من ع.
(٣) أم المؤمنين زينب بنت جحش بن رئاب، ابنة عمة رسول الله عليه السّلام، توفيت سنة ٢٠ هـ‍. ينظر: والطبقات الكبرى ٨/ ١٠١، والمنتخب من كتاب أزواج النبي ٤٨، والاستيعاب ٤/ ١٨٤٩.
(٤) أخرجه البخاري في الصحيح (٣١٦٨)، ومسلم في الصحيح (٢٨٧٩)، والآحاد والمثاني (٣٠٩٢)، والهيثمي في موارد الظمآن ١/ ٤٦١ (١٨٦٧).
(٥) ك وع وأ: بغنائم.
(٦) هكذا في الأصول المخطوطة، ولعلها: يخرجون، كما في اللسان ١١/ ٦٦١، وتفسير القرطبي ١١/ ٣٤١.


الصفحة التالية
Icon