ثلث أهل الجنّة؟ قالوا: نعم يا رسول الله، ثمّ قال: أيسرّكم أن تكونوا شطر أهل الجنّة؟ قالوا:
نعم يا رسول الله، فقال لهم: إنّي لأرجو أن تكونوا أكثر من شطر أهل الجنّة، إنّ معكم أمّتين لا تكونان مع قوم إلا كثّرتاهما يأجوج ومأجوج سوى من أهلك الله قبلهم، وسوى من هو مهلك بعدهم، ثمّ قال: بينا [أنا] (١) بين النائم واليقظان إذ عرضت (٢) عليّ الأمم، فرأيت النبيّ يأتي في الواحد من قومه، وهو ياسين، ورأيت النبيّ يأتي في الأربعة من قومه، ورأيت النبيّ يجيء في أقلّ من ذلك وأكثر، حتى رأيت أمّة أعجبتني، فقلت: أي ربّ، أمّتي هذه؟ فقيل لي: هذه أمة عيسى ابن مريم (٣)، ثمّ رأيت أمّة أعجبتني كثرتها، فقلت: أي ربّ، أمّتي هذه؟ فقيل لي: هذه أمّة موسى بن عمران (٤)، ثمّ رأيت أمّة أعجبتني، فقلت: أي ربّ، أمّتي هذه؟ فقيل لي: هذه أمة يونس بن متى، ثمّ قيل لي: انظر، فنظرت قبل مكّة فإذا سواد كثير، ثمّ قيل لي: انظر قبل الشام، فنظرت فإذا هو سواد كثير، ثمّ قيل لي: انظر، فنظرت قبل العراق، فإذا هو سواد كثير، ثمّ قيل لي: انظر، فنظرت تحتي، فإذا هو شيء ينتعش كثيرة، فقيل لي: هؤلاء أمّتك، وسبعين ألفا يدخلون الجنّة بغير حساب، قال: فقام عكاشة بن محصن الأسديّ، أحد بني غنم بن دودان (٥)، فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، فدعا له رسول الله (٦)، ثمّ قام رجل من الأنصار، فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، قال: «سبقك بها عكاشة» (٢٢٦ ظ)، قال جابر بن عبد الله الأنصاريّ: وظننّا (٧) أنّ الأنصاريّ كان منافقا، فقالوا: لولا ذلك لم يسأله أحد إلا قال: نعم، ثمّ دخل رسول الله والمسلمون يخوضون في السبعين الألف، فقال بعضهم:
هؤلاء قوم أدركوا النبيّ عليه السّلام، وآمنوا به، وجاهدوا معه، وقال بعضهم: هؤلاء قوم ولدوا في الإسلام، وماتوا عليه، وقال بعضهم: هؤلاء قوم آمنوا به ولم يروه، قال: فأكثرنا في ذلك، فخرج إلينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ونحن نخوض في ذلك، ما قلتم في هؤلاء السبعين الألف؟ قالوا: يا رسول الله، قال بعضنا: كذا، وبعضنا كذا، فقصّوا عليه القصّة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
_________
(١) زيادة يقتضيها السياق.
(٢) أ: أعرضت، بسقوط الذال من إذ.
(٣) ك: موسى بن مريم.
(٤) (ثم رأيت أمة... موسى بن عمران)، ساقطة من ك وع.
(٥) أبو محصن الأسدي، صحابي، استشهد يوم القيامة. ينظر: المعارف ٢٧٣، ومعجم الصحابة ٢/ ٢٥٣، الثقات ٣/ ٣٢١،
(٦) ع زيادة: أن يجعله منهم.
(٧) ك وأ: فظننا.


الصفحة التالية
Icon