الفصيح، قال الشاعر (١): [من البسيط]
عاد الأذلّة في دار وكان بها … هرت الشّقاشق ظلاّمون للجند
والمرت مفازة لا ماء فيها ولا كلأ، قال الشاعر (٢): [من البسيط]
أنّى طربت ولا تلحي على طرب … ودون إلفك أمرات أماليس» (٣)
وفي تفسيره قول الله تعالى: ﴿بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ﴾ [البقرة: ١١٢]: يقول: «وإسلام الوجه للشيء صرف الإقبال إليه، وتسليم النفس، وتفويض الأمر، ومنه يقال في عقد السلم:
أسلم كذا وكذا إليه. وهذه صفة المسلمين دون اليهود والنصارى، قال زيد بن عمرو بن نفيل (٤): [من المتقارب]
وأسلمت وجهي لمن أسلمت … له المزن تحمل عذبا زلالا
إذا هي سيقت إلى بلدة … أطاعت فصبّت عليها سجالا»
(٥)
٢ - ويستشهد بالشعر على أن الاختصار على حرف من الكلمة مشهورة في لغة العرب:
وذلك عند تفسير قول الله تعالى: ﴿الم﴾ [البقرة: ١]، وقد استشهد بأكثر من بيت:
قال الشاعر (٦): [من الرجز]
نادوهم أن ألحموا ألا تا … قالوا جميعا كلّهم ألا فا
وقال آخر (٧): [من الرّجز]
بالخير خيرات وإن شرّا فا … ولا أريد الشّرّ إلاّ أن تا
وذلك تأكيدا على قول من قال: إن لكل حرف من هذه الأحرف معنى خاصّا. (٨)
٢ - الاستشهاد النحوي: نجد أن المؤلف يستشهد في بعض الأحيان على إعراب الكلمة، فمثلا عند تفسيره قول الله تعالى: ﴿وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ﴾ [البقرة: ١٧٧] ينقل قول الفراء: ﴿مَنْ آمَنَ بِاللهِ﴾ خبر (البرّ)، على الاكتفاء بالمعنى الدالّ في الاسم على المصدر، كما قيل (٩): [من الوافر]
_________
(١) ابن مقبل، تاج العروس ١/ ٥٩٥، وفيه: للجزر بدل (للجند).
(٢) المتلمّس الضّبعي، ينظر: الأغاني ٢٤/ ٢٣٩.
(٣) الأصل (٨ ظ).
(٤) ينظر: السيرة النبوية ١/ ١٥١، والبداية والنهاية ٢/ ٣٠٠.
(٥) الأصل (٢٩ ظ).
(٦) أراد: ألا تركبون، قالوا: ألا فاركبوا. والبيت بلا عزو في زاد المسير ١/ ١٧، وتفسير القرطي ١/ ١٥٦، وشرح شواهد الشافية ٢٦٤.
(٧) يريد: إن شرّا فشرّ، ولا يريد الشّرّ إلاّ أن تشاء، والبيت بلا عزو في الكامل في اللغة والأدب ١/ ٢٤٥، وعزي إلى زهير في شفاء العليل ٣/ ١١٣٤ ولم أقف عليه في شرح ديوانه، وعزي إلى لقيم بن أوس في شرح شواهد الشافية ٢٦٤.
(٨) الأصل (٢ ظ).
(٩) بلا عزو في أمالي المرتضى ١/ ٣٨، وكنز الفوائد ٢٩٢، ورواية البيت فيهما: قليل عيبه والعيب جمّ ولكنّ الغنى ربّ غفور والمراد: ولكنّ الغنى غنى ربّ.


الصفحة التالية
Icon