[الأعراف: ١٨١]، إذ يقول: «وهذه الآية حجة في صحة الإجماع؛ لأن الله تعالى زكّاهم وعدّلهم في أحكامهم». (١)
وفي فعل الأمر وصيغة الأمر، نجده يخرجه عن الأمر الحقيقي إلى أمور متعددة منها: الندب والاستحباب والإباحة، وغيرها. والأمثلة كثيرة منها:
ما جاء في تفسيره لقول الله تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ﴾ [آل عمران: ١٠٤]، إذ يقول عن اللام في (ولتكن): لام أمر،... ، والأمر فرض على الكفاية.
كما نجده في سورة الحج وعند الحديث عن قوله تعالى: ﴿فَكُلُوا﴾ [الحج: ٣٦]، يقول:
«أمر إباحة». وفي المثالين كليهما لم يبين وجه إخراج الأمر من حقيقته إلى ما خرج إليه.
مذهبه الفقهي في هذا الكتاب
وردت أحكام فقهية خلال هذا التفسير تشير إلى المذهب الفقهي لمؤلف الكتاب، ومن هذه الأحكام ما يأتي:
١ - في تفسير قول الله تعالى: ﴿وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً﴾ [آل عمران: ٩٧] يقول:
«وفرض الحج على الفور خلافا لمحمد»، (٢) أي: محمد بن الحسن، وهذا يعني أنه يتبنى القول بأن الحج متى ملك الإنسان الاستطاعة فإن عليه أن يحج على الفور لا على التراخي. يقول النووي في المجموع: «فقد ذكرنا أن مذهبنا أنه على التراخي، وبه قال الأوزاعي والثوري ومحمد بن الحسن، ونقله الماوردي عن ابن عباس وأنس وجابر وعطاء وطاوس رضي الله عنهم، وقال مالك وأبو يوسف: هو على الفور، وهو قول المزني، كما سبق، وهو قول جمهور أصحاب أبي حنيفة في ذلك» (٣).
٢ - وفي سورة النساء وعند قوله تعالى: ﴿أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً﴾ [النساء: ٤٣] يقول: «والمراد بالماء الماء الشرعي دون اللغوي لجواز التيمم مع وجود الماء النجس، ولهذا جوّزنا الوضوء بنبيذ التمر؛ لأنه ماء شرعي». (٤) وهذا الرأي الذي قال به المؤلف هو ذاته رأي أبي حنيفة رحمه الله تعالى. (٥) قال النووي في المجموع: «وهو أن رفع الحدث وإزالة النجس لا يصح إلا بالماء المطلق، فهو مذهبنا ولا خلاف فيه عندنا» (٦).
٣ - عند تفسيره قول الله تعالى: ﴿أَنْ تَقْصُرُوا﴾ [النساء: ١٠١] قال: «والقصر: النّقص.
_________
(١) الأصل (٨٧ ظ).
(٢) الأصل (٧٠ و).
(٣) المجموع ٧/ ١٠٣.
(٤) نسخة الأسكوريال ٧٦.
(٥) ينظر: الهداية شرح البداية ١/ ٢٤، والمبسوط للسرخسي ١/ ١٢٥، وبدائع الصنائع ١/ ١٥.
(٦) المجموع ١/ ٩٣.


الصفحة التالية
Icon