متصل؛ (١) لأنّه مستثنى من مثبت (٢).
١٢ - ﴿فَلَعَلَّكَ تارِكٌ﴾ أي: تكاد تترك إبلاغ ﴿بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ﴾ على سبيل الفور.
﴿وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ﴾ أي: وتكاد تضيق صدرا (٣) بهذا البعض على سبيل الضعف، وقلّة الاحتمال، دون الكراهة، وسوء الاختيار، وإنّما قال: ﴿وَضائِقٌ﴾ ولم يقل: وضيّق؛ للتوفيق بينه وبين قوله: ﴿تارِكٌ،﴾ ولنفي إيهام تحقيق الوصف في الحال. (٤)
﴿أَنْ يَقُولُوا:﴾ مخافة أو كراهة أن (٥) يقولوا. (٦)
١٣ - ﴿اِفْتَراهُ:﴾ الضّمير عائد إلى القرآن. (٧) والتّحدّي بعشر سور. (٨) وقيل: التّحدّي بسورة، وبحديث (٩)؛ لأن الآية مكيّة، ونزول سورة هود متقدم على نزول سورة الطّور.
﴿مِثْلِهِ:﴾ بدل من (عشر سور مفتريات)، ويجوز أن يكون حالا للسّور المأتيّ بها. (١٠)
ويجوز أن يكون تقديره: سور مفتريات مثله على زعمكم.
١٤ - ﴿فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ:﴾ إن كان خطابا للمأمورين بدعاء من استطاعوا، (١١) فهو كقوله: ﴿إِنَّ (١٢)﴾ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ
_________
(١) الاستثناء المتصل: هو ما كان المستثنى من جنس المستثنى منه. ينظر: التبصرة والتذكرة ٢/ ٣٧٥، وشفاء العليل ١/ ٤٩٧، وجامع الدروس العربية ٣/ ١٢٧.
(٢) ينظر: ومشكل إعراب القرآن ٣٣٩، الجواهر الحسان ٢/ ١١٨، وإيجاز البيان في غريب إعراب القرآن ٢/ ٦، واللباب في علوم الكتاب ١٠/ ٤٤٥.
(٣) ك: يكاد يضيق صدرك.
(٤) ينظر: مجمع البيان ٥/ ١٨٥، والبحر المحيط ٦/ ١٢٩.
(٥) ك: أو.
(٦) ينظر: مجمع البيان ٥/ ١٨٦، والتبيان ١/ ٥٣٢، واللباب في علوم الكتاب ١٠/ ٤٤٦.
(٧) ينظر: الوسيط ٢/ ٥٦٦، واللباب في علوم الكتاب ١٠/ ٤٤٦.
(٨) ينظر: البحر المحيط ٦/ ١٣٠، واللباب في علوم الكتاب ١٠/ ٤٤٨ - ٤٤٩.
(٩) هذا القول إشارة إلى قول الله تعالى: فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ [الطور: ٣٤]، ويقول ابن عاشور: الحديث هنا أطلق على الكلام مجازا، بمعنى غرض من الأغراض التي يشتمل عليها القرآن الكريم لا خصوص الأخبار، ويجوز أن يكون الحديث هنا أطلق على الأخبار، أي: فليأتوا بأخبار مثل قصص القرآن فيكون استنزالا لهم، فإن التكلم بالأخبار أسهل عليهم من ابتكار الأغراض التي يتكلم فيها، فإن كان القرآن كما يقولون: أخبار الماضين، فليأتوا بأخبار مثل أخباره؛ لأن الإتيان بمثل ما في القرآن من المعارف والشرائع لا قبل لهم به، وقصارى عقولهم أن تفهمه إذا سمعوه. ينظر: تفسير التحرير والتنوير ١٣/ ٦٦، وينظر: ابن عطية ١٤/ ٦٩ - ٧٠.
(١٠) ينظر: اللباب في علوم الكتاب ١٠/ ٤٤٨.
(١١) ينظر: البحر المحيط ٦/ ٤٤٨.
(١٢) ليس في ك، وبعدها: يدعون، بدل (تدعون).


الصفحة التالية
Icon