عليهم؟ وهذا كما قلنا في لام العاقبة في مواضع، لمّا كانت العاقبة تؤدي إلى ذلك جُعل سببًا له وإن لم يكن في الحقيقة كذلك؛ كقوله: ﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّ﴾ [القصص: ٨] وقد مرّ. ثم عقب الواحدي بقوله: وهذا الذي ذكره صاحب النظم وجه جيد في هذه الآية لم يذكره في نظيرها في سورة البقرة والأنعام.
توجيه حروف المعاني: عند قوله تعالى: ﴿فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ﴾ [النحل: ٧١] قال: وقال صاحب النظم: معنى الفاء في قوله: ﴿فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ﴾ حتى؛ لأن التأويل: ﴿فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا﴾ بجاعلي رزقهم لعبيدهم حتى يكون عبيدهم فيه معهم سواء في الملك، فقوله: ﴿فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا﴾ صفة لما تَقَدَّمه من الخبر لا جوابٌ له؛ ولو كان جوابًا له لكان قد أوجب أن يكون المولى والعبيد في ذلك سواء، وهو -عز وجل- إنما أراد أنهم لا يستوون في الملك. وهذا قول جيد انفرد به صاحب النظم، وانظر الأقوال الأخرى التي ذكرتها في التعليق على الآية في التحقيق.
ذكر المناسبات وتوجيه المعنى: عند قوله تعالى: ﴿أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ﴾ [النحل: ٥٩] قال: وقال صاحب النظم: قوله: ﴿أَيُمْسِكُهُ﴾ متصل في النظم بقوله: ﴿وَهُوَ كَظِيمٌ﴾ [النحل: ٥٨] والكظيم بمعنى الكاظم، ومعنى الكظم: ستر الشيء في القلب وترك إظهاره، ومنه: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ﴾ [آل عمران ١٣٤] والتأويل: وهو كاظم ﴿أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ﴾ أي: أن هذا المعنى في قلبه من شدة الغَمّ وهو يكظمه ولا يظهره.