جواب له، وفيه معنى للجزاء؛ لأن تقديره: ما ثبت بكم من نعمة، أو مادام بكم من نعمة فمن ابتداء الله إياكم بها، فسبب ثبات النعمة ابتداؤه [ذلك] كما أن استحقاق الأجر إنما هو من أجل الإنفاق في قوله: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ﴾ [البقرة: ٢٧٤] وعلى هذا كل ما في القرآن من هذا الضرب، كقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا﴾ إلى قوله: ﴿فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ﴾ [البروج: ١٠] وقوله: ﴿وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ﴾ [المائدة: ٩٥] ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ﴾ [البقرة: ١٢٦] و ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ [الأنعام: ١٦٠] و ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف: ٢٩] ونذكر هذه المسألة مشروحة عند قوله: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً﴾ [البقرة: ٢٧٤].
الوجه الثاني من القراءة: (يَطَّوَّعْ) بالياء وجزم العين، وتقديره: يتطوع إلى أن التاء أدغم في الطاء لتقاربهما، وهذا حسن؛ لأن المعنى على الاستقبال، والشرط والجزاء الأحسن فيهما الاستقبال، وإن كان يجوز أن تقول: من أتاك أعطيته، فتوقع الماضي موقع المستقبل في الجزاء، إلى أن اللفظ إذا كان وافق المعنى كان أحسن.
وأما التفسير: فقال مجاهد: (ومن تطوع خيرًا) بالطواف بهما، وهذا على قول من لا يرى الطواف بهما فرضًا.
وقال مقاتل والكلبي: ومن تطوع خيرًا فزاد في الطواف بعد الواجب.
ومنهم: من حمل هذا النوع على العمرة، وهو قول ابن زيد، وكان يرى العمرة غير واجبة.
وقال الحسن: ﴿وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ يعني به: الدين كله، أي: فعل غير المفرَض عليه، من طواف وصلاة وزكاة ونوع من أنواع الطاعات. وهذا


الصفحة التالية
Icon