المديني (١) يقول: سمعت مالك بن أنس يقول: لا أوتى برجل غير عالم (٢) بلغات العرب يفسر كتاب الله إلا جعلته نكالا (٣).
وكيف يتأتى لمن جهل لسان العرب أن يعرف تفسير كتاب جعل معجزة في فصاحة ألفاظه، وبعد أغراضه لخاتم النبيين وسيد المرسلين - ﷺ - وعلى آله الطيبين في زمان أهله يتحلون بالفصاحة، ويتحدون بحسن الخطاب وشرف العبارة، وإن مثل من طلب ذلك مثل من شهد الهيجاء بلا سلاح، ورام أن يصعد الهواء (٤) بلا جناح. ثم وإن طال تأمله مصنفات المفسرين، وتتبعه أقوال أهل التفسير من المتقدمين والمتأخرين، فوقف على معاني ما أودعوه كتبهم، وعرف ألفاظهم التي عبروا بها عن معاني القرآن، لم يكن إلا مقلدا (٥) لهم فيما حكوه، وعارفًا معاني قول مجاهد، ومقاتل، وقتادة (٦)، والسدي (٧)، وغيرهم

(١) يحيى بن سليمان بن نضلة الخزاعي المدني، روى عن مالك، وسليمان بن بلال وغيرهما، قال ابن خراش: لا يسوى شيئًا، وقال ابن أبي حاتم: كتب عنه أبي وسألته عنه، فقال: شيخ حدث أياما ثم توفي. انظر: "الجرح والتعديل" ٩/ ١٥٤، "الميزان" ٦/ ٥٧.
(٢) (عالم): مكرر في (ب).
(٣) ذكره الزركشي في "البرهان" عن يحيى بن سليمان بن نضلة عن مالك، ١/ ٢٩٢.
(٤) في (ب): (السماء).
(٥) في (أ)، (ج): (مخلدا)، وأثبت ما في (ب): لأنه الصحيح.
(٦) قتادة بن دعامة السدوسي البصري، كان ضريرا، اشتهر بالحفظ، أثنى عليه الأئمة كأحمد بن حنبل، ومعمر، والزهري وغيرهم، مات بواسط بالطاعون سنة ثماني عشرة ومائة، وقيل: سنة سبع عشرة.
انظر ترجمته في: "الجرح والتعديل" ٧/ ١٣٣، "تذكرة الحفاظ" ١/ ١٢٢، "الميزان" ٤/ ٣٠٥، "طبقات المفسرين" للداودي ٢/ ٤٧ - ٤٨.
(٧) إسماعيل بن أبي كريمة السدي، وهو المعروف بالسدي الكبير، قرشي بالولاء، (السدي): بضم السين، نسبة إلى السدة، وهي الباب، لأنه كان يجلس إلى سدة =


الصفحة التالية
Icon