من إن جاد عليك فلك جاد، وإن (١) نفعك فنفعك أراد، من غير أن يرجع إليه من جوده بشيء (٢) من المنافع على جهة من الجهات، وهو الله (٣) وحده لا شريك له. ألا (٤) ترى أن عطية الرجل لصاحبه لا تخلو من أن تكون لله أو لغيره فإن كانت (٥) لله فثوابها على الله، فلا (٦) معنى للشكر، وإن كانت (٧) لغير الله فلا تخلو من أن تكون لطلب المجازاة، أو حب المكافأة، وهذِه تجارة معروفة، والتاجر لا يشكر على تجارته، وجر المنفعة إلى نفسه، وإما أن تكون لخوف يده أو لسانه، أو رجاء نصرته أو (٨) معونته، ولا معنى لشكر من هذِه إحدى أحواله، وإما أن تكون (٩) للرقة والرحمة، ولما يجد في قلبه من الألم، ومن جاد على هذا (١٠) السبيل، فإنما داوى نفسه من دائها، وخفف عنها ثقل برحائها (١١).
فأما من مدحه بشار (١٢) بن برد بقوله:

(١) (إن نفعك) ليس في "عيون الأخبار" ٣/ ١٩١.
(٢) في (ب): (شيء) بسقوط الباء وما في (أ)، (ج) موافق لما في "عيون الأخبار".
(٣) في (ب): (اله).
(٤) بعد قوله: (وحده لا شريك له) كلام لابن التوءم تركه هنا، انظر: "عيون الأخبار" ٣/ ١٩١.
(٥) في (ب): (كان).
(٦) في (ب): (ولا معنى).
(٧) في (ب): (كان).
(٨) في (ب): (ومعونته).
(٩) في (ب): (يكون).
(١٠) في (ب): (ومن حاد عن هذا).
(١١) إلى هنا ما ذكره ابن قتيبة عن ابن التوءم مع اختلاف في بعض العبارات، انظر: "عيون الأخبار" ٣/ ١٩١.
(١٢) هو بشار بن برد بن يرجوخ العقيلي بالولاء، وأصله من (طخارستان)، أشعر الشعراء المولدين، نشأ بالبصرة، ومات سنة سبع أو ثمان وستين ومائة. انظر ترجمته في: =


الصفحة التالية
Icon