عليه الحنفية في تلك البلاد إذ أغلبهم ماتريدية (١)، بينما غلب على الحنابلة في بغداد التمسك بمذهب السلف (٢).
تلك هي البيئة التي عاشها الواحدي، والغالب أن الإنسان لا يكاد ينفك عما عهد الناس عليه، وما كان سائدًا في بيئته، ومن ثم فإن الواحدي -رحمه الله- كان شافعياً أشعرياً بغير خلاف بين كافة مترجميه، فكونه شافعياً أظهر من أن يُشهر، ويدل له أمور:
منها: تلقيب بعض مترجميه له بالشافعي، كالذهبي وابن العماد (٣).
ومنها: أن كتب طبقات الشافعية قد عدته ضمن علمائهم (٤).
ومنها: أن كتب الفقه الشافعي كانت تنقل أقواله مبينة أنه من أصحابهم (٥).

(١) نسبة للماتريدي محمد بن محمد بن محمود، أبي منصور الماتريدي السمرقندي، والماتريدي نسبة إلى (ماتريد) محلة قرب سمرقند، يلقب بإمام الهدى وإمام المتكلمين، وهو معاصر للأشعري، ومذهبه قريب من مذهبه، وهو في الفقه على مذهب أبي حنيفة، من كتبه: "تأويلات أهل السنة"، وكتاب "التوحيد"، وكتاب "المقالات"، توفي سنة ٣٣٣ على الأرجح. ينظر في ترجمته: "الجواهر المضية" للقرشي ٣/ ٣٦٠ ومفتاح السعادة لطاش كبري زاده ٢/ ٩٦، ١٥١ وكتاب "الماتريدية" للحربي ص ٩٣ وما بعدها. وينظر في الفرق بين الأشعرية والماتريدية: "تاريخ المذاهب الإِسلامية" لأبي زهرة ١/ ١٩٥ - ٢١٠ وكتاب "نشأة الأشعرية وتطورها" لجلال موسى: ٣٠٧ وكتاب "الماتريدية دراسة وتقويماً" لأحمد الحربي ص ١٣٣.
(٢) ينظر: "التاريخ السياسي والفكري للمذهب السني في المشرق الإِسلامي" ص ١٢٨.
(٣) ينظر: "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٣٩ و"شذرات الذهب" ٣/ ٣٣٠.
(٤) ينظر: "طبقات الشافعية" للسبكي ٥/ ٢٤٠، و"طبقات الشافعية" للإسنوي ٢/ ٥٣٨ و"طبقات الشافعية" لابن قاضي شهبة ١/ ٢٧٧ وغيرهم.
(٥) ينظر: "روضة الطالبين" للنووي ١٠/ ٢٢٧ و"المجموع" له ٣/ ٣٧١ وقال في "الأذكار" ص ٢٣٩: قال الإِمام أبو الحسن الواحدي من أصحابنا.


الصفحة التالية
Icon