وقوله تعالى: ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ﴾، قال أبو إسحاق: ومكر الله عز وجل إنما هو (١) مجازاة ونصر للمؤمنين (٢)، وقال الضحاك: ويصنعون ويصنع الله (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾، قال عطاء عن ابن عباس: إنه مكر أفضل مما مكروا (٤)، وقال محمَّد بن إسحاق: قال الله: مكرت لك بكيدي المتين حتى خلصتك منهم (٥).
وتلخيص معنى قوله: ﴿وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ أي أفضل المجازين بالسيئة العقوبة (٦)؛ وذلك أنه أهلك هؤلاء الذين دبروا لنبيه الكيد، وخلصه منهم، وقد ذكرنا معنى المكر في قوله: ﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ في سورة آل عمران [٥٤].
٣١ - قوله تعالى: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا﴾، قال ابن عباس والمفسرون: كان النضر بن الحارث (٧) خرج إلى الحيرة تاجرًا فاشترى

(١) ساقط من (م).
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" للزجاج ٢/ ٤١٠.
(٣) رواه البغوي ٣/ ٣٥٠.
(٤) رواه بمعناه الفيروزأبادي في "تنوير المقباس" ص١٨٠، من رواية الكلبي.
(٥) "السيرة النبوية" ٢/ ٦٦٩.
(٦) قال الراغب الأصفهاني: المكر: صرف الغير عما يقصده بحيلة وذلك ضربان: مكر محمود، وذلك أن يتحرى بذلك فعل جميل، وعلى ذلك قال: ﴿وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ ومذموم، وهو أن يتحرى به فعل قبيح، قال: ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ [فاطر: ٤٣]، و"المفردات" (مكر) ص ٤٧١.
(٧) هو: النضر بن الحارث بن علقمة من بني عبد الدار بن قصي القرشي، كان من شجعان قريش ووجوهها واحد شياطينها وممن آذى رسول الله - ﷺ - وكان له إطلاع على أخبار الأمم السابقة وكتب الفرس، أصيب ببدر مع المشركين فامتنع عن =


الصفحة التالية
Icon