عن المسجد الحرام المسلمين من غير أن يكون لهم عليه (١) ولاية (٢)، وهذا معنى قوله: ﴿وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ﴾ وهذا العذاب غير الأول، وإنما هو عذاب بالسيف، وليس بانتقام عام شامل كالأول.
وقال عطاء عن ابن عباس: وما كانوا للنبي بأولياء (٣)، ﴿إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ﴾ يريد: المهاجرين والأنصار، ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ يريد: غيب علمي، وما سبق في قضائي وقدرتي (٤).

(١) في (س): (عليهم)، وكذلك هو في "الحجة"، وأثبت ما في (ح) و (م) لأنه أصح في المعنى ولأن به يستقيم معنى قول الواحدي: وهذا معنى قوله (وما كانوا أولياءه).
(٢) اهـ. كلام أبي علي، انظر: "الحجة للقراء السبعة" ٤/ ٣٤٨.
(٣) سبق بيان وهاء هذه الرواية، وهذا القول لا يدل عليه السياق إذ ليس للنبي - ﷺ - ذكر في هذه الآيات بضمير الغائب، وللمفسرين في عود هاء الكناية في هذه الكلمة قولان:
١ - أنها ترجع إلى المسجد، وهو الراجح لأنه أقرب مذكور، وقد نسب ابن الجوزي ٣/ ٣٥٢ هذا القول إلى الجمهور، واختاره الثعلبي ٦/ ٥٨/ ب، والبغوي ٣/ ٣٥٤، والزمخشري ٢/ ١٥٦، وابن كثير ٢/ ٣٣٩. والمعنى: وما كان المشركون أولياء المسجد الحرام وأهله، وإنما أولياؤه المتقون وهم النبي - ﷺ - ومن آمن به.
٢ - أنها ترجع إلى الله تعالى، وهذا اختيار ابن جرير ٩/ ٢٣٩. والمعنى: وما كان المشركون أولياء الله.
(٤) لم أجد أحدًا ذهب إلى هذا المعنى، ولا دلالة في الآية عليه، والذي عليه المفسرون أن المعنى: ولكن أكثرهم لا يعلمون أن أولياء الله المتقون، أو لا يعلمون أن أولياء المسجد هم المتقون، انظر: " تفسير ابن جرير" ٩/ ٢٣٩، وابن الجوزي ٣/ ٣٥٢، وأبي السعود ٤/ ٢٠، وذهب السمرقندي ٢/ ١٦ إلى أن المعنى: لا يعلمون توحيد الله.


الصفحة التالية
Icon