توحيدًا لم يعجز عن هدم (١) ما قبله من كفر أرجو أن لا يعجز عن هدم ما بعده من ذنب (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ يَعُودُوا﴾، قال ابن عباس: يريد: إلى تكذيبك (٣)، وقال الكلبي: ﴿وَإِنْ يَعُودُوا﴾ لقتالك ﴿فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ﴾ بنصر الله رسله ومن آمن على من كفر (٤)، وقال قتادة: مضت السنة من الله في الأولين من الأمم بنصر الله الرسل، ومضت السنة مثل ذلك في هذه الأمة يوم بدر (٥)، وهو كقوله: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي﴾ [المجادلة: ٢١] وكقوله: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ﴾ [الصافات: ١٧١] الآيات.

= توفي سنة ٢٥٨ هـ. انظر: "صفة الصفوة" ٤/ ٨٣، و"العبر" ١/ ٣٧١، و"سير أعلام النبلاء" ١٣/ ١٥، و"البداية والنهاية" ١١/ ٣١.
(١) في (ح): (حمل)، وهو خطأ فاحش.
(٢) انظر: "تفسير الثعلبي" ٦/ ٦٠ ب، والبغوي ٣/ ٣٥٦، وابن الجوزي ٣/ ٣٥٧. قلت: هذا الرجاء بمعنى قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨] فهدم التوحيد لما بعده من ذنب معلق بمشيئة الله، أما الجزم به لكل موحد فهو منقوض بالكتاب والسنة، فمن الكتاب قوله تعالى: ﴿لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ﴾ [النساء: ١٢٣]، ومن السنة الأحاديث الدالة على تعذيب الزناة ومانعي الزكاة ونحوهم، وكذلك الأحاديث الدالة على إخراج الموحدين من النار بعد عذاب طويل.
انظر: "معارج القبول" ٢/ ٤٢٢ - ٤٢٥.
(٣) لم أقف عليه، وفي معناه نظر؛ لأن لفظة (يعودوا) تتضمن الرجوع إلى حالة تحوّل عنها الإنسان، وهم لم ينفكوا عن التكذيب والكفر. انظر: "المحرر الوجيز" ٦/ ٣٠٠.
(٤) ذكره باختصار السمرقندي في "تفسيره" ٢/ ١٨، ورواه بنحوه الفيروزأبادي في "تنوير المقباس" ص ١٨١، عن الكلبي، عن ابن عباس.
(٥) رواه بنحوه ابن جرير ١٥/ ٢٤٧ [طبعة الحلبي].


الصفحة التالية
Icon