وقال قتادة: هؤلاء أهل مكة خرجوا ولهم بغي وفخر، فقال رسول الله - ﷺ -: "إن قريشًا أقبلت بفخرها وخيلائها لتحادَّك ورسولك" (١)، وقال المفسرون: نهى الله سبحانه عباده المؤمنين أن يكونوا مثلهم، وأمرهم بإخلاص النية والحسبة في نصرة الدين، ومؤازرة النبي - ﷺ - حتى لا يكونوا كالذين خرجوا فخرًا وخيلاء ورياء (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾، قال أبو علي الجرجاني: قوله: ﴿بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ﴾ سبب لخروجهم، أي أن البطر والرياء يحملهم على ذلك، ثم عطف عليه قوله: ﴿وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ وهو فعل مضارع منسوق على المصدر فيحتمل هذا النظم وجوهًا (٣) منها: أن يكون قوله: ﴿وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ بمنزلة: وصدًا، إلا أنه رد إلى المضارع والمراد به المصدر، كما تقول في الكلام: أتيته ماشيًا ومشيًا وأمشي، ثلاثتها بمعنى واحد، ويجوز أن يكون قوله: ﴿بَطَرًا وَرِئَاءَ﴾ حالاً على تأويل: بطرين ومرائين، فيكون قوله: ﴿وَيَصُدُّونَ﴾ حالاً صرفت إلى الاستقبال، بمعنى: وصادين، ويجوز أن يكون قوله: ﴿بَطَرًا وَرِئَاءَ﴾ بمنزلة

= هذا عند أهل العلم نفاق العمل اهـ. وانظر: الفرق بين القسمين في "مجموع فتاوى شيخ الإسلام" ١١/ ١٤٠ - ١٤٥.
(١) رواه مطولًا ابن جرير ١٠/ ١٧، وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ كما في "الدر المنثور" ٣/ ٣٤٤، وقد روى قول النبي - ﷺ - ابن إسحاق كما في "السيرة النبوية" ٢/ ٢٦١، والبيهقي في "دلائل النبوة" ٣/ ١١٠ مرسلًا من حديث الزهري وموسى بن عقبة، وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد نحو هذا الأثر، انظر: "تفسير مجاهد" ص ٣٥٦.
(٢) انظر: "تفسير الثعلبي" ٦/ ٦٥ ب، والبغوي ٣/ ٣٦٦، وذكر معناه ابن جرير ١٠/ ١٦.
(٣) ساقط من (س).


الصفحة التالية
Icon