قال المفسرون وأهل العلم (١): إذا ظهرت آثار الخيانة من عدوك وخفت وقوعهم بك فألق إليهم السلم وآذنهم بالحرب، وذلك كالذي كان من قريظة إذ أجابوا (٢) أبا سفيان ومن معه من المشركين إلى مظاهرتهم على رسول الله - ﷺ - بعد العهد الذي كانوا عاهدوه، فكان ذلك موجبًا لرسول الله - ﷺ - خوف الغدر منهم به وبأصحابه، وكذلك الحكم في كل قوم كانوا أهل موادعة للمؤمنين ظهر للإمام منهم من دلائل الغدر مثل الذي ظهر لرسول الله - ﷺ - من قريظة، فحق على الإمام أن ينبذ إليهم على سواء ويؤذنهم بالحرب.
وإذا اشتهرت دلائل النقض أغنت عن النبذ كما فعل رسول الله - ﷺ - بأهل مكة لما نقضوا العهد بقتل خزاعة وهم في ذمة النبي - ﷺ - لم (٣) يرعهم إلا جيش رسول الله - ﷺ - بمر الظهران، وذلك على أربعة (٤) فراسخ من مكة.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ﴾، قال ابن عباس: يريد الذين خانوا مع النبي - ﷺ - (٥)، وقال الزجاج: الذين يخونون في عهودهم (٦) وغيرها (٧).

(١) انظر: "الطبري" ١٠/ ٢٧، والزمخشري ٢/ ١٦٥، والبغوي ٣/ ٣٧٠، و"المغني" ١٣/ ١٥٨، والنص للحوفي في "البرهان" ١١/ ٩٤ إلى قوله: وإذا اشتهرت.
(٢) في (ح): (جابوا).
(٣) في (ح): (ثم لم).
(٤) في (ح): (أربع).
(٥) "تنوير المقباس" ص ١٨٤ بمعناه.
(٦) في (م) و (س): (عهدهم).
(٧) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٢٠ بتصرف.


الصفحة التالية
Icon