وقوله تعالى: ﴿بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ﴾، قال ابن (١) إسحاق: أي: لا يقاتلون على بينة (٢) ولا حق ولا معرفة (٣)، وقال المفسرون (٤): معنى قول: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ﴾ أي: من أجل أن المشركين قوم يقاتلون علي غير احتساب، ولا طلب ثواب؛ فهم لا يثبتون إذا صدقتموهم القتال خشية أن (٥) يقتلوا، وقال أهل المعاني: معنى ﴿لَا يَفْقَهُونَ﴾ أي هم على جهالة، خلاف من يقاتل على بصيرة يرجو به ثواب الآخرة (٦)، وقال ابن عباس والمفسرون: هذه الآية نسخها قوله: ﴿الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ﴾ الآية (٧)، وقال الوالبي عن ابن عباس: في هذه الآية أمر الله الرجل من المؤمنين أن يقاتل عشرة من الكفار، فشق ذلك عليهم فرحمهم فقال: ﴿فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾ الآية (٨)، وقال عطاء عنه: لما نزلت هذه الآية ضج المهاجرون، وقالوا: يا رب نحن جياع وعدونا شباع، ونحن في غربة وعدونا في أهليهم، ونحن قد أخرجنا من ديارنا وأموالنا،

(١) في (م) و (س): (أبو)، وهو خطأ.
(٢) هكذا، وفي "السيرة النبوية"، و"تفسير ابن جرير" ١٠/ ٤١: نية.
(٣) "السيرة النبوية" ٢/ ٣٢٢ وفيها: ولا معرفة بخير ولا شر.
(٤) اللفظ لأبي إسحاق الثعلبي، انظر "تفسيره" ٦/ ٧٠ ب، ونحوه في "تفسير ابن جرير" ١٠/ ٣٨، والزمخشري ١/ ١٦٧.
(٥) في (ح): (لئن لا)، وهو خطأ.
(٦) ذكر نحوه الحوفي في "البرهان" ١١/ ١٠٢ ب.
(٧) انظر: "تفسير ابن جرير" ١٠/ ٣٨ - ٤١، وابن أبي حاتم ٥/ ١٧٢٩، والثعلبي ٦/ ٧٠ ب، و"الدر المنثور" ٣/ ٣٦٢ - ٣٦٤، فقد ذكروه عن ابن عباس وسعيد ابن جبير والحسن البصري ومجاهد وعطاء بن أبي رباح وعكرمة وزيد بن أسلم وعطاء الخرساني والضحاك.
(٨) رواه ابن جرير ١٠/ ٣٩.


الصفحة التالية
Icon