أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ} أي: إنكم لا تفوتون بأنفسكم من أن يحل بكم عذابه في الدنيا، ثم أوعدهم بعذاب الآخرة فقال: ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾، قال المفسرون: "لما فتح الله مكة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سنة ثمان من الهجرة وخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى غزاة تبوك وتخلف من تخلف من المنافقين وأرجفوا الأراجيف جعل المشركون ينقضون عهودهم فأمر الله رسوله بإلقاء عهودهم إليهم ليأذنوا بالحرب، فلما كانت سنة تسع أراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحج ثم قال: "إنه يحضر المشركون فيطوفون عراة فلا أحب أن أحج حتى لا يكون ذلك" (١) فبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر تلك السنة أميرًا على الموسم ليقيم للناس الحج وبعث معه بأربعين آية من صدر براءة ليقرأها على أهل الموسم، فلما سار دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليًا فقال: "اخرج بهذه القصة من صدر براءة وأذن بذلك فى الناس إذا اجتمعوا" فخرج علي -رضي الله عنه- على ناقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العضباء حتى أدرك أبا بكر بذي الحليفة فرجع أبو بكر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي أنزل في شأني شيء قال: "لا، ولكن لا يبلغ عني غيري أو رجل مني، أما ترضى يا أبا بكر أنك كنت معي في الغار وأنك صاحبي على الحوض؟! " (٢)، قال: بلى يا رسول الله، فسار أبو بكر أميرًا على الحج، وعليّ ليؤذن ببراءة، فقدما مكة، فلما كان قبل

(١) رواه ابن جرير ١٠/ ٦١ - ٦٢ مرسلًا عن مجاهد، وطواف المشركين عراة مخرج في "صحيح البخاري" (١٦٦٥)، كتاب الحج، باب الوقوف بعرفة، وفي "صحيح مسلم" (١٢١٩)، كتاب الحج، باب في الوقوف.
(٢) رواه ابن جرير (١٠/ ٦٥) عن السدي، ورواه بنحوه ١٠/ ٦٤ عن ابن عباس، وروى صدره بمعناه الترمذي (٣٠٩٠)، كتاب التفسير، باب: ومن سورة التوبة، وقال: حديث حسن غريب من حديث أنس، وكذلك رواه أحمد في المسند ١/ ٣.


الصفحة التالية
Icon