بكر الإمام وعلي المؤتم، وكان أبو بكر الخطيب وعلي المستمع، وكان أبو بكر الدافع بالموسم ولم يكن لعلي أن يدفع حتى يدفع أبو بكر، وأما قوله - ﷺ - "لا يبلغ عني إلا رجل مني" (١) فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يقل ذلك تفضيلًا منه لعلي على غيره في الدين، ولكن عامل العرب على مثل ما كان بعضهم يتعارفه من بعض، وكعادتهم في عقد الحلف وحل العقد، وكان السيد منهم إذا عقد لقوم حلفًا أو عاهد عهدا لم يحل ذلك العقد غيره أو رجل من رهطه دنيا (٢) كأخ أو عم فلذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك القول (٣).
٤ - قوله تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ الآية، قال أبو إسحاق: "الذين" في موضع نصب، أي: وقعت البراءة من المعاهدين الناقضين للعهود، إلا الذين عاهدتم ثم لم ينقصوكم أي ليسوا داخلين في البراءة" (٤)، قال المفسرون (٥) في هذه الآية: "هؤلاء قوم مخصوصون أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بإتمام عهده وهم بنو ضمرة وبنو كنانة ومن اتبعهم وكان بقي لهم من مدتهم تسعة أشهر فأمر باتمامها لهم".
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا﴾ أي من شروط العهد شيئًا {وَلَمْ
(٢) في "لسان العرب" (دنا): (قالوا: "هو ابن عمي دنية، ودنيًا، منون، ودنيا، غير منون، ودنيا، مقصور: إذا كان ابن عمه لحا.. وكأن أجل ذلك كله (دنيا) أي: رحمًا أدنى إليّ من غيرها".
(٣) انظر قول الجاحظ في كتابه العثمانية ص ١٢٩ بنحوه، و"زاد المسير" ٣/ ٣٩٢.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٣٠ باختصار يسير.
(٥) انظر: "تفسير الثعلبي" ٦/ ٧٩ ب، والبغوي ٤/ ١٢، وهو قول السدي رواه أبو الشيخ كما في "الدر المنثور" ٣/ ٣٨٣ - ٣٨٤.