واختلفوا في معنى الأشهر الحرم هاهنا فمنهم من حملها على ذي القعدة وذي الحجة والمحرم ويحل (١) القتال بانسلاخ المحرم على الإطلاق عند من جعل تاريخ (٢) الأشهر الأربعة من أول شوال وهو وقت نزول براءة (٣)، ومن قال: إن تاريخ الأشهر الأربعة من يوم النحر حمل قوله: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾ [على التخصيص، ومعناه: فإذا انسلخ الأشهر الحرم ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾] (٤) الذين أمهلناهم خمسين يومًا وهم الذين لم يكن لهم ذمة سابقة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، هذا على قول من يقول الأشهر الحرم هذه الثلاثة التي تعرف بالحرم (٥) ومنهم من قال: المراد بالأشهر الحرم شهور العهد (٦)، قيل لها: حرم لأن الله تعالى حرم على المؤمنين فيها دماء المشركين، فإذا مضت قد (٧) حل قتالهم عامًا مطلقًا، وهذا قول الحسن (٨)، ومجاهد (٩)،
(٢) في (م): (من تاريخ).
(٣) هذا قول الزهري وحده، وقد سبق تخريجه، وانظر رد هذا القول هناك، وفي "الناسخ والمنسوخ" للنحاس ٢/ ٤١٢.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ح) و (ى).
(٥) روى هذا القول ابن جرير ١٠/ ٦٠ - ٦١، عن ابن عباس والضحاك وقتادة.
(٦) يعني شهور السياحة التي ذكرها الله بقوله: ﴿فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ﴾ [التوبة: ٢]. إذ أن هذا هو قول جميع من نسب إليهم المؤلف هذا القول، وذكر الشوكاني في تفسيره ٢/ ٣٣٧ احتمالاً آخر للمراد بها، وأنها المشار إليها بقوله تعالى: ﴿فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ﴾.
(٧) في (ح): (ذلك)، وفي (ى): (دلل)، ولا معنى لهما.
(٨) ذكره عنه الهواري ٢/ ١١٤، والماوردي ٢/ ٣٤٠، وابن الجوزي ٣/ ٣٩٨.
(٩) رواه ابن جرير ١٠/ ٧٩، والثعلبي ٦/ ٧٩ ب، والبغوي ٤/ ١٣، وأبو الشيخ كما في "الدر المنثور" ٣/ ٣٨٤ - ٣٨٥، وهو في "تفسير مجاهد" ص ٣٦٣.