هو الأول" (١).
قوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ﴾، قال الفراء: "أي لا عهود لهم" (٢)، وفيه قراءتان: فتح الهمزة وكسرها (٣).
قال الزجاج: "من قرأ: ﴿لَا أَيْمَانَ لَهُمْ﴾ فقد وصفهم بالنكث في العهود وهو أجود القراءتين (٤) " (٥).
والذي يقوي الفتح قوله: ﴿قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ﴾ [التوبة: ١٣] ولأنه إذا قال: ﴿فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ﴾ عُلم أنه لا إيمان لهم، فالفتح في قوله: ﴿لَا أَيْمَانَ﴾ أولى؛ لأنه لا يكون تكريرًا إذ لم يقع عليه دلالة من الكلام الذي تقدمه كما وقع على الكسر.
ومعنى ﴿لَا أَيْمَانَ لَهُمْ﴾ أي لا أيمان لهم صادقة؛ لأنه قد أثبت لهم الأيمان في قوله: ﴿وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ﴾ [وفي قوله: ﴿قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ﴾] (٦) [التوبة: ١٣] فالمنفي هاهنا غير الموجب هناك؛ لأن معنى المنفي: لا أيمان لهم يفون بها، ولا أيمان لهم صادقة كما قال (٧):

(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٣٥.
(٢) "معاني القرآن" ١/ ٤٢٥.
(٣) قرأ ابن عامر بكسر الهمزة من كلمة "إيمان" وقرأ الباقون بفتحها.
انظر: "كتاب السبعة" ص٣١٢، و"الغاية في القراءات العشر" ص١٦٤، و"التبصرة في القراءات" ص ٢١٤، و"تقريب النشر" ص ١٢٠.
(٤) كلا القراءتين سبعيتان متواترتان عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد خفي ذلك على الإمام ابن جرير -رحمه الله- فرد قراءة ابن عامر، وزعم أن القراءة بها لا تجوز.
انظر: "تفسيره" ١٠/ ٨٩، وانظر الرد عليه في كتاب: "القراءات المتواترة التي أنكرها ابن جرير" ص ٤٥٢.
(٥) اهـ. كلام الزجاج. انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٣٥.
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ح).
(٧) لم أهتد إلى القائل، والبيت بلا نسبة في "تفسير الثعلبي" ٦/ ٨٣ أ، و"الجامع=


الصفحة التالية
Icon