وقال أبو (١) إسحاق: "لما فرض القتال تبين المنافق من غيره، ومن يوالي المؤمنين ممن يوالي أعداءهم فأنزل الله هذه الآية" (٢).
وتقدير لفظ الآية مع المعنى: ولما يعلم الله المجاهدين والممتنعين من اتخاذ الوليجة.
١٧ - قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ﴾ الآية، قال ابن عباس: "لما أسر العباس يوم بدر أقبل عليه المسلمون فعيروه بكفره بالله وقطيعة الرحم وأغلظ عليّ القول، فقال العباس: ما لكم تذكرون مساوئنا ولا تذكرون محاسننا؟ قال له علىّ: ألكم محاسن؟! فقال: نعم، إنا لنعمر المسجد الحرام، ونحجب الكعبة ونسقي الحاج ونفك العاني، فأنزل الله -عز وجل- ردًا على العباس ﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ﴾ (٣).
ومعنى ما كان لهم ذلك: أنه أوجب على المسلمين منعهم عن ذلك، وأكثر المفسرين حملوا العمارة ههنا على دخول المسجد الحرام (٤) والقعود فيه (٥)، وهو قول ابن عباس والحسن، قال (٦) في رواية عطاء: "يريد: لا يدخلوه ولا يقعدوا فيه كما كانوا قبل ذلك" (٧).
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٣٧.
(٣) ذكره الثعلبي ٦/ ٨٤ أ، والمصنف في "أسباب النزول" ص ٢٤٦ بغير سند، ورواه مختصرًا بن جرير ١٠/ ٩٥، وابن أبي حاتم ٥/ ١٧٦٥ من طريق الوالبي.
(٤) من (م).
(٥) انظر: "تفسير الثعلبي" ٦/ ٨٤ ب، والبغوي ٤/ ٢٠، والسمرقندي ٢/ ٣٨، والآية التالية وسبب النزول الذي ذكره المؤلف يدلان على أن المراد بالعمارة العمارة المعروفة من البناء والترميم.
(٦) لفظ: (قال) ساقط من (ح). والقائل ابن عباس، وسيأتي قول الحسن وتخريجه.
(٧) لم أقف عليه فيما بين يديّ من مصادر.