الحنفي على سارية من سواري المسجد وهو كافر (١)، وليس في الآية حجة لمن جعل دخول الكافر المسجد وصلاته فيه إيمانًا منه؛ لأنا (٢) لا نأمن أن تكون صلاته قبل سماع الشهادتين منه سخرية واستهزاءً، ولا يكون فعله (٣) عمارة للمسجد ما لم تتقدم منه كلمة الإيمان، وإن حملنا العمارة على عمارة البناء سقط هذا الاستدلال.
١٨ - قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ﴾ أي: إنما يعمرها بحقها من آمن بالله، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالايمان؛ فإن الله -عز وجل- يقول ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ﴾ " (٤)، وهذا يدل على أن المراد بالعمارة دخول المسجد والقعود فيه.

= انظر: "الاستيعاب" ١/ ٢٨٧ (٢٨٢)، و"الإصابة" ١/ ٢٠٣ (٩٦١).
(١) رواه البخاري (٤٦٩)، كتاب الصلاة، باب دخول المشرك المسجد ١/ ٢٠٢.
(٢) (لأنا) ساقط من (ح).
(٣) يعني دخوله المسجد وصلاته فيه.
(٤) رواه الترمذي في "سننه" (٣٠٩٣)، كتاب التفسير، باب ومن سورة التوبة، وقال: حديث حسن غريب، ورواه أيضًا الدارمي في "سننه"، كتاب الصلاة، باب المحافظة على الصلوات، رقم (١٢٢٣) ١/ ٣٠٢، وأحمد في "المسند" ٣/ ٦٨، ٧٦، والحاكم في "المستدرك"، كتاب الصلاة ١/ ٢١٢ وصححه، وتعقبه الذهبي بأن في سنده دراجًا وهو كثير المناكير.
قلت: وجميع أسانيد هذا الحديث في مصادره السابقة تدور على دراج بن سمعان عن أبي الهيثم وهي ضعيفة.
قال الحافظ ابن حجر في ترجمته في "التقريب" ص ٢٠١ (١٨٢٤): (صدوق، في حديثه عن أبي الهيثم ضعف. وضعف الحديث أيضًا الألباني في "ضعيف الجامع الصغير وزياداته" رقم (٦٠٨) ١/ ١٨٤.


الصفحة التالية
Icon