وقوله تعالى: ﴿وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ﴾ قال ابن عباس: ﴿يُحِقَّ الْحَقَّ﴾ يظهر الإسلام (١)، وقال أهل المعاني (٢): معنى يحق الحق: يظهره ويعليه لأن الحق حق حيث كان، ولكنه إذا لم يكن ظاهرًا أشبه الباطل؛ لأن من صفة الحق ظهوره، فإظهاره تحقيق له من هذا الوجه (٣).
وقوله تعالى: ﴿بِكَلِمَاتِهِ﴾، قال ابن عباس: أي بعداته (٤)، وقال عطاء عنه (٥): موعود من الله قد سبق في علمه، ووعد نبيه بذلك في سورة الدخان: ﴿يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ﴾ (٦) يريد: ننتقم له من أبي جهل (٧)، فـ (كلماته) على هذا ما قد أخبر به من إظهار الحق وإعزازه

(١) انظر: "زاد المسير" ٣/ ٣٢٤، وقد ورد نحوه في التفسير المنسوب لابن عباس والمطبوع باسم "تنوير المقباس من تفسير ابن عباس" ص ١٧٧. وهذا الكتاب مع عدم صحة نسبته إلى ابن عباس فإن جامعه -والمشهور أنه الفيروز أبادي- قد رواه بشده عن محمد بن مروان السدي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، وهذه هي سلسة الكذب. انظر: "الإتقان" ٣/ ٢١٥.
(٢) لم أجد هذا القول فيما بين يدي من كتب أهل المعاني، وقد ذكر نحو هذا القول أبو السعود في تفسيره "إرشاد العقل السليم" ٤/ ٧.
(٣) بين الراغب الأصفهاني أن إحقاق الحق على ضربين: أحدهما: بإظهار الأدلة والآيات، والثاني: بإكمال الشريحة وبثها في الكافة. انظر: "المفردات في غريب القرآن" ص ١٢٥ (حقق).
(٤) لم أجد من رواه عنه، وقد ذكر هذا القول ابن الجوزي في "زاد المسير" ٣/ ٣٢٤ دون أن ينسبه لأحد، ومعناه: بوعوده السابقة بأن يظهر الدين.
(٥) ساقط من (س)، وفي (ح): وقال: طاعته موعد... إلخ. وهو خطأ، ولم أجد من ذكر هذه الرواية.
(٦) الآية ١٦.
(٧) هو: عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي القرشي، أحد طواغيت قريش وأبطالها =


الصفحة التالية
Icon