إلا بوحي (١)، قال قتادة وعمرو بن ميمون (٢): اثنان فعلهما رسول -صلى الله عليه وسلم- ولم يؤمر فيهما بشيء: إذنه للمنافقين، وأخذه الفداء من الأسارى، فعاتبه الله كما تسمعون (٣)
وقوله تعالى: ﴿لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ﴾، قال ابن عباس: يريد في التخلف (٤)، قال أهل المعاني: وهذا يدل على أنه فعل ما لم يؤذن له فيه، لأنه لا يقال: لم فعلت: فيما أذن له في فعله (٥). وقوله: ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ﴾ أي: حتى تعرف من له العذر منهم في تخلفه ومن لا عذر له، فيكون إذنك لمن أذنت له على عذر، وقال ابن عباس: وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يعرف يومئذ المنافقين، وما عرفهم إلا بعدما نزلت (٦) سورة (٧) براءة (٨)، وقال أهل المعاني: هذه الآية بيان عما توجبه العجلة في الأمر قبل التبين من التنبيه على ما ينبغي من التثبت حتى تظهر الحال فيعامل كل فريق بما يستحقه من التقريب أو
(٢) هو: عمرو بن ميمون الأودي، أبو عبد الله الكوفي، أسلم في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يلقه، كان ثقة عابداً كثير الحج، وتوفي سنة ٧٤ هـ. انظر: "الكاشف" ٢/ ٨٩، و"تهذيب التهذيب" /٣٠٧ - ٣٠٨.
(٣) انظر: "تفسير ابن جرير" ١٠/ ١٤٢، والثعلبي ٦/ ١١١ ب، والبغوي ٤/ ٥٤، وابن الجوزي ٣/ ٤٤٥، والقرطبي ٨/ ١٥٤.
(٤) "تنوير المقباس" ١٩٤ بنحوه.
(٥) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ٢/ ٢١.
(٦) في (ي): (بعد نزول).
(٧) ساقط من (ي).
(٨) ذكره بنحوه البغوي ٤/ ٥٥، وإبن الجوزي ٣/ ٤٤٥، والقرطبي ٨/ ١٥٥، والمؤلف في "الوسيط" ٢/ ٥٠١.