والاضطراب حتى زهد في الجهاد، واستأذن في المقام بما لا يجوز من الاعتذار، وقال أبو إسحاق: أعلم الله -جل وعز- أن من ارتاب وشك في الله وفي البعث فهو كافر (١).
٤٦ - وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً﴾، قال ابن عباس: يريد: من الزاد والماء وما يركبون؛ لأن سفرهم بعيد، وفي زمان شديد (٢)، وقال الزجاج: فتركهم العدة دليل على إرادتهم التخلف (٣)، وقال غيره: هذا إشارة إلى أنهم كانوا مياسير قادرين على أخذ العدة لو أرادوا الخروج إلى الجهاد (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ﴾ الانبعاث: الانطلاق في الأمر، يقال: بعثت (٥) البعير فانبعث، وبعثته لأمر كذا فانبعث: أي نفذ فيه (٦)، ومنه الحديث في عقر الناقة: "فانبعث لها رجل عارم (٧) " (٨).
(٢) ذكره الرازي في "تفسيره" ١٦/ ٧٨، وأبو حيان في "البحر المحيط" ٥/ ٤٨، وبمعناه ابن الجوزي في "زاد المسير" ٣/ ٤٤٦.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٥٠.
(٤) ذكر ذلك من غير تعيين الرازي في: "تفسيره" ١٦/ ٧٨، والمؤلف في "الوسيط" ٢/ ٥٠١، و"الوجيز" ٦/ ٥١٠ - ٥١١.
(٥) في (م): (بعث).
(٦) انظر: "تهذيب اللغة" (بعث) ١/ ٣٥٤، و"الصحاح" (بعث) ١/ ٢٧٣.
(٧) عارم: أي خبيث شرير، والعُرام: الشدة والقوة والبطش. انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" (عرم) ٣/ ٢٢٣.
(٨) رواه مطولاً البخاريَ (٤٩٤٢)، كتاب: التفسير، سورة الشمس وضحاها، ومسلم (٢٨٥٥)، كتاب: الجنة، باب: النار يدخلها الجبارون، والجنة يدخلها الضعفاء، والترمذي (٣٣٤٣)، كتاب: تفسير القرآن، باب: ومن سورة الشمس وضحاها، =