وقوله تعالى: ﴿وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ﴾ تقليب الأمر: تصريفه وترديده للتدبير يعني: اجتهدوا في الحيلة عليك، والكيد بك، قال ابن عباس وابن إسحاق: "أداروا (١) لك الأمور، وبغوا لك الغوائل ليخذلوا عنك أصحابك ويردوا عليك أمرك" (٢).
وقوله تعالى: ﴿حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ﴾ إلى آخره، أي: حتي أخزاهم الله بإظهار الحق، وإعزاز الدين على رغم منهم وكره (٣).
٤٩ - وقوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي﴾، قال ابن عباس والمفسرون كلهم: نزلت في جد بن قيس (٤) المنافق، قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما أرادوا غزو تبوك: "هل لك يا جد العام في جلاد بني الأصفر -[يعني:

= المؤمنين عن دينهم، وحصرهم على رده إلى الكفر بالتخذيل عنه، و"تفسير ابن جرير" ١٠/ ١٤٧.
(١) في (ي): (إذا رأوا)، وسقط لفظ (لك) من (م).
(٢) لفظ ابن عباس: بغوا لك الغوائل، كما في "زاد المسير" ٣/ ٤٤٨، و"تنوير المقباس" ص ١٩٥، ولفظ ابن إسحاق: ﴿وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ﴾: أي: ليخذلوا عنك أصحابك، ويردوا عليك أمرك) كما في "السيرة النبوية" ٤/ ٢٠٨.
(٣) في (م): (على كره منهم ورغم).
(٤) هو: جد بن قيس بن صخر بن خنساء أحد بني جشم بن الخزرج ثم من بني سلمة، كان سيد بني سلمة، وروى الطبراني وابن منده بسند قوي -كما يقول الحافظ ابن حجر- أنه ممن شهد بيعة العقبة، وذكر عنه عدة روايات تصمه بالنفاق، لكن أسانيدها لا تخلو من ضعف، وروى عبد الرزاق عن معمر، عن قتادة في قوله تعالى: ﴿خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا﴾ قال: هم نفر ممن تخلف عن غزوة تبوك منهم أبو لبابة ومنهم جد بن قيس ثم تيب عليهم، مات الجد في خلافة عثمان.
انظر: "تفسير عبد الرزاق" ١/ ٢/ ٢٨٦، و"الإصابة في تمييز الصحابة" ١/ ٢٢٨ (١١١٠).


الصفحة التالية
Icon