وقوله تعالى: ﴿وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾ يقال: غلظ الشيء يغلظ غلظا في الخلقة، ثم يقال: رجل غليظ: إذا كان فظا، وغلظ له القول وأغلظ: إذا لم يرفق به، وهذا نحو قوله: ﴿وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً﴾ [التوبة: ١٢٣]، قال أهل المعاني: (وهي قوة القلب على إحلال الألم بصاحبه، كما (١) أن الرقة ضعف القلب عن ذلك) (٢).
قال ابن عباس: (يريد شدة الانتهار، والنظر بالبغضة، والمقت) (٣).
وقال ابن مسعود: (هو أن تكفهر في وجوههم) (٤)، قال عطاء: (وهذه الآية نسخت كل شيء من العفو والصفح) (٥).
٧٤ - قوله تعالى: ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا﴾ الآية، نزلت حين بلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- أن المنافقين يسيؤون فيه القول ويطعنون فيه، وفي الدين والقرآن، فأنكر ذلك عليهم فحلفوا ما قالوا فكذبهم الله تعالى فقال: ﴿وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ﴾ (٦) يعني سبهم الرسول، وطعنهم في الدين، وقال قتادة: (قالوا (٧): ﴿لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ﴾ [المنافقون:
(٢) "البرهان" للحوفي ١١/ ٢٣٤ مختصرًا.
(٣) "زاد المسير" ٣/ ٤٧٠.
(٤) سبق تخريجه عند تفسير أول هذه الآية.
(٥) رواه الثعلبي في "تفسيره" ٦/ ١٢٧ ب، والبغوي ٤/ ٧٤، وذهب إلى هذا القول القرطبي في "تفسيره" ٨/ ٢٠٥، والصواب عدم النسخ، وقد سبق بيان ذلك وذكر أقوال بعض العلماء عند تفسير قوله تعالى: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا﴾ [الأنفال: ٦١].
(٦) انظر: "تفسير ابن جرير" ١٠/ ١٨٥، والثعلبي ٦/ ١٢٧ ب، و"أسباب النزول" للمؤلف ص ٢٥٦.
(٧) ساقطة من (ي).