وقال الكلبي: (كانوا قبل قدوم النبي -صلى الله عليه وسلم-، في ضنك من عيشهم لا يركبون الخيل، ولا يحوزون الغنيمة، فلما قدم عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، استغنوا بالغنائم) (١)، وذكرنا معنى ﴿نَقَمُوا﴾ عند قوله: ﴿هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا﴾ [المائدة: ٥٩] (٢).
قال أهل المعاني في هذه الآية: (إنهم عملوا بضد الواجب فجعلوا موضع شكر الغني أن نقموه فهذا معنى قوله: ﴿وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ﴾ (٣) ويجوز أن يكون المعنى: إنهم بطروا النعمة (٤) بالغني فنقموا بطرُا وأشرًا (٥)، وقال ابن قتيبة: (أي: ليس ينقمون شيئًا ولا يتعرفون من الله إلا الصنع (٦)، [وهذا كقول الشاعر:

ما نقموا من بني أمية إلا أنهم يحلمون إن غضبوا] (٧)
وهذا ليس مما ينقم، وإنما أراد: إن الناس لا ينقمون عليهم (٨) شيئا كقول النابغة:
(١) رواه الثعلبي ٦/ ١٢٩ أ، والبغوي ٤/ ٧٥، وذكره المؤلف في "الوسيط" ٢/ ٥١٢، وابن الجوزي ٣/ ٤٧٢، والقرطبي ٨/ ٢٠٨.
(٢) انظر: النسخة (ح) ٢/ ٤٠ أوقد قال في هذا الموضع: (قوله تعالى: ﴿هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا﴾ يقال: نقمت على الرجل أنقم، ونقمت عليه أنقم، والأجود فتح الماضي، وهو الأكثر في القراءة، قال الله تعالى: ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ﴾ [البروج: ٨] ومعنى نقمت: بالغت في كراهة الشيء، فمعنى (تنقمون) أي تكرهون وتنكرون).
(٣) "البرهان" للحوفي ١١/ ٢٤٥ بمعناه.
(٤) في (ح): (ذو النعمة).
(٥) في (ى): (شرًّا).
(٦) في (ح): (لصنيع)، وما في (ى) موافق لما في "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة، والصنع: مصدر قولك: صنع إليه معروفًا وجميلًا. انظر: "اللسان" (صنع).
(٧) ما بين المعقوفين ساقط من (ح) والبيت لابن قيس الرقيات.
(٨) في (ح): (عليه)، وما أثبته موافق لما في "تفسير غريب القرآن".


الصفحة التالية
Icon