وقال الضحاك: لما نزلت هذه الآية قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله رخص لي فسأزيدن (١) على السبعين لعل الله أن يغفر لهم" (٢)، ونحو هذا قال عروة بن الزبير والحسن وقتادة: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لأزيدن علي السبعين" فأنزل الله: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ﴾ [المنافقون: ٦] (٣)، قال مقاتل: (فصار قوله: ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾ منسوخًا بقوله تعالى: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ﴾ (٤).
فهذا الذي ذكرنا من قولهم يدل على أنهم جعلوا قوله: ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ [أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ] (٥)﴾ تخييرًا، وقوله تعالى: ﴿إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً﴾ حصرًا لهذا العدد لا تكثرًا.
٨١ - قوله تعالى: ﴿فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ﴾، قال ابن عباس وغيره: (يريد المنافقين الذين تخلفوا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوك) (٦)، والمخلف:
(٢) رواه الثعلبي في "تفسيره" ٦/ ١٣٤ ب، والبغوي في "تفسيره" ٤/ ٧٩، وهو ضعيف لإرساله، وقال القشيري: لم يثبت أنه قال: "لأزيدن على السبعين". "تفسير القرطبي" ٨/ ٢١٩.
(٣) رواه ابن جرير ١٠/ ١٩٨ - ٢٠٠ عن عروة وقتادة، ورواه عن عروة أيضًا ابن أبي حاتم ٦/ ١٨٥٤، وأشار القرطبي في "تفسيره" ٨/ ٢٢٠ إلى قول الحسن، وأقوالهم هذه مراسيل.
(٤) "تفسير مقاتل" ١٣٣ أبنحوه.
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (ى).
(٦) "تنوير المقباس" ص ٢٠٠، وبنحوه قال قتادة والضحاك وابن الجوزي وغيرهم. انظر: "زاد المسير" ٣/ ٤٧٨، و"الدر المنثور" ٣/ ٤٧٤.