وقوله تعالى: ﴿وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾، قال عطاء عن ابن عباس: (يريد لم يصدقوا نبيه واتخذوا إسلامهم جنة) (١)، فبان بهذا أنه ليس يريد الكذب في العذر إنما يريد كذبهم في قولهم (٢): إنا مؤمنون.
٩١ - ثم ذكر الله تعالى أهل العذر فقال: ﴿لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ﴾، قال ابن عباس: (يريد الزمنى والمشايخ والعجزة) (٣)، ﴿وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ﴾ يعني المقلين من المؤمنين، ﴿إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ﴾، قال ابن عباس: (يريد لم يعدلوا بالله شيئاً، وعرفوا الله بتوحيده، وأن ما جاء به محمد - ﷺ - حق وصدق، وغضبوا لله ورسوله، وأبغضوا من أبغض الله وأحبوا أولياء (٤) الله) (٥)، ففسر ابن عباس النصح لله ورسوله بما ذكر.
وقال أهل المعاني: (معنى النصح إخلاص العمل من الغش) (٦)، ومنه التوبة النصوح، فمعنى: ﴿نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ أخلصوا أعمالهم من الغش والنفاق لهما.
وفائدة قوله: ﴿إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ بعدما ذكر عذرهم أن المعذور يكون على قسمين: أحدهما فريق منهم يغتنمون عذرهم، فهؤلاء [ليسوا ممن نصح لله ورسوله، وفريق يتمنون أن لم يكن لهم عذر فيتمكنوا من

(١) "تنوير المقباس" ص ٢٠١ بمعناه من رواية الكلبي.
(٢) في (ى): (قوله).
(٣) رواه الثعلبي ٦/ ١٣٧ ب، والبغوي ٤/ ٨٤.
(٤) في (ى): (وأحبوا من أحب الملة).
(٥) لم أقف عليه.
(٦) انظر: "تهذيب اللغة" (نصح ٤/ ٥/ ٨٥، و"تفسير القرطبي" ٨/ ٢٢٧.


الصفحة التالية
Icon