فقوله: ﴿إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا﴾ نصب على الحال، ويجوز أن يكون حالاً للكفار، ويجوز أن يكون حالاً للمخاطبين وهم المؤمنون.
والزحف: مصدر موصوف به كالعدل والرضا، ولذلك لم يجمع، قال أبو إسحاق في هذه الآية: إذا واقفتموهم (١) للقتال فلا تنهزموا (٢).
ومعنى ﴿فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ﴾: لا تجعلوا ظهوركم مما يليهم.
١٦ - قوله تعالى ﴿وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ﴾ الآية، معنى التحرف في اللغة: الزوال عن جهة الاستواء، يقال: تحرف وانحرف واحرورف، وذكرنا هذا عند قوله ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ﴾ (٣) (٤).
وقوله تعالى: ﴿أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ﴾، قال أبو عبيد (٥): التحيز: التنحي، وفيه لغتان: التحيز والتحوز (٦).
الليث: يقال: مالك تتحوز إذا لم تستقر على الأرض، والاسم منه: التحوز (٧)، وأصل هذا من الحوز وهو الجمع، يقال: حزته فانحاز وتحوز تحيزًا (٨): إذا انضم واجتمع، ويقال من هذا: الحية تتحوز: إذا انطوت

(١) يعني: إذا وقفتم معهم في موقف واحد.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" للزجاج ٢/ ٤٠٥ باختصار.
(٣) من الآية ٤٦ من سورة النساء، والآية: ١٣ من سورة المائدة.
(٤) انظر: "تفسير البسيط" ٣/ ٥٦٤، تحقيق محمد المحيميد.
(٥) في (م): (أبو عبيدة).
(٦) "تهذيب اللغة (جاز) ٥/ ١٧٨، ونُسب هذا القول في "لسان العرب" (حوز) ٥/ ٣٤٠، وفي "البحر المحيط" ٥/ ٢٩١ إلى أبي عبيدة. ولم أجده في "مجاز القرآن" له.
(٧) "تهذيب اللغة" (حاز) ١/ ٧٠٠، والنص في كتاب "العين" (حوز) ٣/ ٢٧٤.
(٨) ذكر الواحدي عن أبي عبيد أن في الكلمة لغتين: التحوز والتحيز، فكان الأولى أن يقول: تحوز تحوزًا، وتحيز تحيزًا، لكن جاء في اللغة ما يدل على صحة عبارة =


الصفحة التالية
Icon