المشركين، وكل هذا كان (١) أبلغ في قتلهم من تعمد القاصد إليه وهذا المعنى أراد أبو إسحاق، فقال: أضاف الله عز وجل قتلهم إليه لأنه هو الذي تولى نصرهم، وأظهر في ذلك الآيات المعجزات (٢)، وقال الحسين بن الفضل (٣): الجرح كان إليهم، وإخراج الروح كان إلى الله تعالى، يقول: فلم تميتوهم (٤) ولكن الله أماتهم (٥).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾ قال المفسرون (٦): إن جبريل قال للنبي - ﷺ - يوم بدر: خذ قبضة من تراب فارمهم بها، فخرج رسول الله - ﷺ - من العريش، وأخذ قبضة من حصباء الوادي فرمى به في وجوه القوم وقال: شاهت الوجوه؛ فلم يبق مشرك إلا دخل عينه منها شيء، وشغل بعينه؛ فكان ذلك سبب هزيمتهم، وقال عكرمة: ما وقع منها شيء إلا في عين رجل (٧).

(١) ساقط من (م).
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" للزجاج ٢/ ٤٠٦.
(٣) هو: الحسين بن الفضل بن عمير البجلي الكوفي ثم النيسابوري، العلامة المفسر الإمام اللغوي المحدث، إمام عصره في معاني القرآن وكان آية في ذلك، توفي سنة ٢٨٢ هـ. انظر: "العبر" ١/ ٤٠٦، و"سير أعلام النبلاء" ١٣/ ٤١٤، و"طبقات المفسرين" للداودي ١/ ١٥٩، وللسيوطي ص ٣٧.
(٤) في (ح): (تميتيهم)، وفي (س): (تميتموهم).
(٥) "تفسير الثعلبي" ٦/ ٤٨ ب، ونص العبارة فيه: قال الحسين بن الفضل: أراد به: فلم تميتوهم ولكن الله أماتهم، وأنتم جرحتموهم؛ لأن إخراج الروح إليه لا إلى غيره.
(٦) انظر: "تفسير ابن جرير" ٩/ ٢٠٤، والثعلبي ٦/ ٤٧ ب، والبغوي ٣/ ٣٣٩، و"الدر المنثور" ٣/ ٣١٧.
(٧) رواه ابن جرير في "تفسيره" ٩/ ٢٠٤. ومثل هذا لا يعرف بالرأي، فإن كان عكرمة سمعه من أحد أصحاب النبي - ﷺ - فله حكم الرفع وإلا فهو مردود.


الصفحة التالية
Icon