أباه وأمه، وفيهم وُلد ونشأ يسمونه الأمين، لا يعدلون به أحدًا في صغره، ولا شابًا في شبابه، ولا كهلًا في سنه، فكذبوه ورموه بكل (١) ما ليس فيه وإنما بعثه الله مبشرًا (٢) ونذيرًا فذلك قوله: ﴿أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾.
قال الليث وأبو الهيثم: القدم: السابقة، وكذلك القُدمة، والمعنى أنه قد سبق لهم عند الله خير (٣).
وقال ذو الرّمة:

وأنت امرؤ من أهل بيت ذؤابةٍ لهم قدم معروفة ومفاخر (٤)
قال: القدم السابقة وما تقدموا فيه غيرهم (٥).
وقال أحمد بن يحيى في هذه الآية: القدم كل ما قدمت من خير، قال: وتقدَّمَتْ فيه لفلان قدم: أي تقدم في الخير (٦).
وقال ابن الأنباري: القدم: كناية عن العمل الذي يتقدم فيه ولا يقع فيه تأخر ولا إبطاء؛ لأن العادة جارية بتقدم الساعي على قدميه، فالقدم كنت (٧) من العمل الصالح، وسدّت مسدّ السبق.
(١) ساقط من (ى).
(٢) في (م): (بشيرًا).
(٣) "تهذيب اللغة" (قدم) ٣/ ٢٩٠٢، ونحوه في كتاب "العين" (قدم) ٥/ ١٢٢، وليس لأبي الهيثم سوى الكلمتين الأوليين.
(٤) البيت في "ديوان ذي الرمة" ٢/ ١٠٤٤، و"تهذيب اللغة" (قدم) ٣/ ٢٩٠٢، و"لسان العرب" (قدم) ٦/ ٣٥٥٢.
(٥) النص في "تهذيب اللغة"، الموضع السابق، دون تعيين القائل.
(٦) "تهذيت اللغة" (قدم) ٣/ ٢٩٠٢.
(٧) في (ي): (كفت)، وفي (م): (كعب)، وكلاهما خطأ.


الصفحة التالية
Icon