ذلك؛ لأنهم لا يؤمنون بها فلا يوجلون منها كما يوجل المؤمنون المصدقون بها المعنيون بقوله: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا﴾ [النازعات: ٤٥] ٤٥]، وبقوله: ﴿وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ﴾ [الأنبياء: ٤٩]، ويكون الرجاء هاهنا الخوف، كما قال تعالى: ﴿لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا﴾ (١) [نوح: ١٣]، وقال الهذلي:

إذا لسعته النحل لم يَرجُ لسعها وخالفها في بيت نوب (٢) عوامل (٣) (٤)
وقال آخرون في قوله: ﴿لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا﴾: لا يطمعون في ثوابنا (٥)، فيكون الرجاء هاهنا الذي خلافه اليأس، كما قال: ﴿قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ﴾ [الممتحنة: ١٣]، وذكرنا معنى لقاء الله في قوله: ﴿الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ﴾ [البقرة: ٤٦].
وقوله تعالى: ﴿وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ أي بدلاً من الآخرة، كما قال: ﴿أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ﴾ [التوبة: ٣٨]، وقد مر.
(١) وفي الآية أقوال أخرى، انظرها في: "تفسير ابن جرير" ١١/ ٨٧ - ٨٨، ٩٤ - ٩٥، وقد رجح ما ذكره المؤلف.
(٢) في (ح): (قول)، وهو خطأ. والنوب: النحل. انظر: "الصحاح" (نوب) ١/ ٢٢٩.
(٣) في "تفسير ابن جرير"، "لسان العرب" عواسل.
(٤) البيت لأبي ذؤيب الهذلي كما في "شرح ديوان الهذليين" ١/ ١٤٣، "الصحاح" (نوب)، "تهذيب اللغة" (رجا)، "المخصص" ١٧/ ١١، "لسان العرب" (رجا)، " تفسير ابن جرير" ١١/ ٨٧.
(٥) انظر: "تفسير السمرقندي" ٢/ ٨٩، والماوردي ٨/ ٤٢٣، والرازى ١٧/ ٣٨، و"البحر المحيط" ٥/ ١٢٦، و"السامع لأحكام القرآن" ٨/ ٣١١.


الصفحة التالية
Icon