وسلك أبو علي الفارسي في الآية طريقة أخرى فقال: المعنى والله أعلم: ولو يعجل الله للناس الشر (١)، أي: ما يدعون به (٢) من الشر على أنفسهم في حال ضجر وبطر استعجاله إياهم (٣) بدعاء الخير فأضيف المصدر إلى المفعول به، وحذف الفاعل، كقوله: ﴿مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ﴾ [فصلت: ٤٩] في حذف ضمير الفاعل قال: والتقدير: ولو يعجل الله للناس الشر (٤) استعجالًا مثل استعجالهم بالخير (٥)، وهذا مذهب الكلبي في هذه الآية، فإنه قال: يقول: لو يعجل الله للناس إذا دعوا بالعقوبة كما يعجل لهم الخير إذا دعوا بالرحمة والرزق والعافية فيرزق ويعطي (٦)، وعلى هذا: التعجيل والاستعجال كلاهما من الله -عز وجل-.

(١) في "الحجة" دعاء الشر.
(٢) في (م): (إليه).
(٣) هكذا في جميع النسخ، وكذلك هو في إحدى نسخ "الحجة" كما أشار إليه المحقق، ونص بقية النسخ: استعجالهم إياه، ولعل صواب عبارة أبي علي ما ذكره المؤلف ويدل على ذلك ما يأتي:
أ- قول أبي علي: فأضيف المصدر إلى المفعول به، وحذف الفاعل، دليل على أنه أراد ما ذكره المؤلف، إذ إنه على العبارة الثانية يكون المصدر مضافًا إلى الفاعل.
ب- بيان المؤلف أن عبارة الكلبي بمعنى عبارة أبي علي وهذا لا يتحقق إلا على ما ذكره المؤلف.
ج- قول المؤلف: وعلى هذا: التعجيل والاستعجال كلاهما من الله، لا يتحقق إلا بالعبارة التي ذكرها المؤلف، إذ إن العبارة الثانية تفيد أنه أراد العبارة الأخرى؛ لأنه لو أراد العبارة التي ذكرها المؤلف لقال: استعجالًا مثل استعجاله لهم بالخير. فليتأمل.
(٤) ساقط من (ح).
(٥) "الحجة للقراء السبعة" ٤/ ٢٥٤.
(٦) ذكره بنحوه السمرقندي في "تفسيره" ٢/ ٩٠.


الصفحة التالية
Icon