يتعظ بما ناله (١)، وهذا بيان عن حال الجاهل (٢) من الإعراض عما يجب عليه من الشكر على كشف الضر الذي نزل به.
وقوله تعالى: ﴿كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ﴾، قال الأخفش: ﴿كَأَنْ لَمْ﴾ يريد: كأنه لم، فخففت، ومثله: ﴿كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا﴾ (٣) [يونس: ٤٥]، وهذا مثل ما ذكرنا في (أن) الخفيفة في مواضع، وقال الحسن: نسي ما دعى الله فيه، وما صنع الله به (٤) فيما كشف عنه من ذلك النبلاء (٥).
وقال صاحب النظم في هذه الآية: ﴿وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ﴾: (وإذا) موضوعة للمستقبل، ثم قال: ﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا﴾ وهذا واجب ماضٍ، فهذا النظم محمول على الاشتراك من أن المعنى فيه: إنه هكذا كان فيما مضى، وهكذا يكون في المستأنف، فدل ما فيه من [الفعل المستأنف على ما فيه من المعنى المستأنف، وما فيه من] (٦) الماضي على الماضي (٧).
وقوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾، قال المفسرون: [يقول: كما زُين لهذا الكافر الدعاء عند البلاء والإعراض عند الرخاء، زُين للمسرفين عملهم (٨)، والمعنى: زُين للمسرفين عملهم تزيينًا

(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٩.
(٢) في (ى): (الجاهلية).
(٣) انظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٣٦٩.
(٤) في (م): (فيه).
(٥) ذكره المؤلف في "الوسيط" ٢/ ٥٤٠، ولم أجده عند غيره.
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ح).
(٧) ذكره بنحوه الرازي في "تفسيره" ١٧/ ٥٢، وأبو حيان في "البحر المحيط" ٥/ ١٣٠.
(٨) انظر: "تفسير الثعلبي" ٧/ ٧ ب، والبغوي ٤/ ١٢٤، وابن الجوزي ٤/ ١٣.


الصفحة التالية
Icon