وقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا﴾، قال ابن الأنباري: ألزمهم الله ترك الإيمان لمعاندتهم الحق، وايثارهم الباطل، يدل على هذا قوله: ﴿كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ﴾ (١).
وقال أبو إسحاق (٢): أعلم الله عز وجل أنهم لا يؤمنون ولو بقّاهم (٣) أبدًا، فجائز أن يكون جعل الله جزاءهم الطبع على قلوبهم، كما قال: ﴿رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا (٤) مِنْ قَبْلُ﴾ الآية في سورة الأعراف (٥)، والدليل أنه طبع على قلوبهم جزاءً لهم قوله (٦) تعالى: ﴿كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ﴾ [قال: وجائز أن يكون أعلم (٧) ما قد علم منهم (٨) (٩)، وعلى هذا معنى قوله: كذلك نجزي القوم المجرمين] (١٠)، أي نعاقب ونهلك المشركين المكذبين بمحمد - ﷺ - كما فعلنا بمن قبلهم.
١٤ - قوله تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ﴾، قال

(١) ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" ٣/ ٣٣٠، والمؤلف في "الوسيط" ٢/ ٥٤٠.
(٢) في (ى): (ابن عباس)، وهو خطأ.
(٣) هكذا، وهو صحيح كما في "اللسان" (بقى) ١/ ٣٣٠، "معاني القرآن" للنحاس ٣/ ٢٨١، واللفظ في المصدر: أبقاهم.
(٤) في جميع النسخ (كذبوا به)، وهو خطأ.
(٥) رقم: ١٠١، وبقيتها: ﴿كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ﴾.
(٦) في (م): (وقوله)، وهو خطأ.
(٧) في (ى): (أعلمهم).
(٨) أي أن الله سبحانه علم موتهم على الكفر فأخبر في هذه الآية بذلك.
(٩) اهـ. كلام الزجاج، انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٠، وقد قدم المؤلف بعض الجمل على بعض.
(١٠) ما بين المعقوفين ساقط من (م).


الصفحة التالية
Icon