(قول بالتكذيب في آياتنا) (١).
وقال مجاهد: (استهزاء وتكذيب) (٢)، وعلى هذا، الآيات يراد به (٣) القرآن، والمعني أنهم إذا أخصبوا بطروا وكذبوا بالقرآن، وسمي تكذيبهم بآيات الله مكرًا؛ لأن المكر صرف الشيء عن وجهه على طريق الحيلة فيه، وهؤلاء يحتالون لدفع آيات الله بكل ما يجدون إليه السبيل من شبهة أو تخليط في مناظرة أر غير ذلك من الأمور الفاسدة.
وقال مقاتل (٤): يعني لا يقولون هذا رزق الله، إنما يقولون سقينا بنوء كذا، وعلى هذا، المراد بالآيات: إذاقة الرحمة والخصب بعد القحط، وإنزال المطر بعد الجدوبة.
قال أبو إسحاق: قوله تعالى: ﴿إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ﴾ جواب الجزاء، وهذا كقوله: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ﴾ [الروم: ٣٦] المعنى: وإن تصبهم سيئة قنطوا، ﴿وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ﴾ (٥) مكروا، فـ (إذا) تنوب عن جواب الشرط كما ينوب الفعل (٦)، وكما تنوب الفاء، وزاد

(١) رواه عن ابن عباس بنحوه الفيروزأبادي في "تنوير المقباس" ص ٢٢١، ولم أعثر على مصدر قول عطاء، لكنّ أبا حيان قال في "البحر المحيط" ٥/ ١٣٦: قاله جماعة.
(٢) رواه ابن جرير ١١/ ٩٩، وابن أبي حاتم ٦/ ١٩٣٨، والثعلبي ٧/ ١٠ ب، والبغوي ٤/ ١٢٧، وابن أبي شيبة وابن المنذر وأبو الشيخ كما في "الدر المنثور" ٣/ ٥٤٢.
(٣) هكذا في جميع النسخ بالتذكير.
(٤) هو: ابن حيان كما في "تفسير الثعلبي" ٧/ ١٠ ب، وابن الجوزي ٤/ ١٨.
(٥) ألحق محقق "معاني القرآن" بالجملة قوله تعالى: ﴿رَحْمَةً﴾ وأشار إلى أنها زيادة يقتضيها السياق، وليست بالنسخ الخطية للكتاب.
(٦) اهـ. كلام الزجاج، "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٢.


الصفحة التالية
Icon