إهلاكهم مما أتوه من المكر في إبطال آيات الله، وهذا معنى قول مقاتل: فقتلهم الله يوم بدر (١)، يعني: جزاء مكرهم في آياته بعقاب ذلك اليوم، فكان (٢) أسرع في إهلاكهم من كيدهم في إهلاك محمد - ﷺ - وإبطال ما أتى به.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ﴾ وعيد لهم على المجازاة وبه (٣) في الآخرة، ويعني بالرسل الحفظة.
٢٢ - قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾ الآية، يقال سيرت القوم من بلدة إلى بلدة: أي أشخصتهم، وقرأ ابن عامر: (ينشركم) (٤) من النشر بعد الطي، والمعنى: يفرقكم ويبثكم، وحجته قوله: ﴿فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ﴾ [الجمعة: ١٠].
وقوله: ﴿حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ﴾، قال بعضهم: في الآية إضمار على تقدير: ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾ فتسيرون ﴿حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ﴾ (٥)، وذكرنا الكلام في الفلك في سورة البقرة (٦).
وقوله تعالى: ﴿وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ﴾، قال أبو إسحاق: ابتداء

(١) ذكره المؤلف في "الوسيط" ٢/ ٥٤٢، ولعل القول لمقاتل بن حيان؛ إذ ليس موجودًا في "تفسير مقاتل بن سليمان".
(٢) في (ح) و (ز): (في)، وهو خطأ.
(٣) في (ى): (له).
(٤) انظر: كتاب "السبعة" ص ٣٢٥، "النشر" ٢/ ٢٨٢، "إرشاد المبتدي" ص ٣٦١، وقد وافقه أبو جعفر كما في المصدرين الأخيرين.
(٥) انظر: "تفسير الكشاف" ٢/ ٢٣١، والرازي ١٧/ ٦٩.
(٦) البقرة: ١٦٤، وقال في هذا الموضع: الفلك: واحد وجمع، ويذكر ويؤنث، وأصله من الدوران، وكل مستدير فلك، وفلك السماء اسم لأطواق سبعة تجري فيها النجوم، والسفينة سميت فلكًا؛ لأنها تدور بالماء أسهل دور... إلخ.


الصفحة التالية
Icon