٢٤ - قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ﴾ الآية، معناه: إنما القول في تشبيه حال الحياة الدنيا كالقول في ماء (١) علي ما ذكر من صفته؛ لأن معنى المثل: قول يشبّه فيه حال الثاني بالأول، ويجوز أن يكون المعنى: صفة الحياة الدنيا كماء، وذكرنا الكلام في معنى المثل (٢)، وأراد بالحياة الدنيا الحياة الفانية في هذه الدار.
وقوله تعالى: ﴿فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ﴾ معنى الاختلاط تداخل الشيء بعضه في بعض، يعني فاختلط -بسبب ذلك الماء الذي أنزلناه- نبات الأرض ﴿مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ﴾ من البقول والحبوب والثمار ﴿وَالْأَنْعَامُ﴾ من المراعي والكلأ ﴿حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ﴾، قال ابن عباس: يريد زينتها وحسنها وخصبها (٣).
قال الزجاج: الزخرف كمال حسن الشيء (٤).
وقال غيره: يعني: حسن ألوان الزهر الذي يروق البصر (٥)، ومضى الكلام في معنى الزخرف عند قوله: ﴿زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾ [الأنعام: ١١٢].
وقوله تعالى: ﴿وَازَّيَّنَتْ﴾ قال ابن عباس: يريد بالحبوب

(١) في (خ) و (ز): (الماء).
(٢) انظر: "تفسير البسيط" البقرة: ٢٦.
(٣) ذكره المؤلف في "الوسيط" ٢/ ٥٤٣، ورواه الفيروزأبادي في "تنوير المقباس" ص ٢١١ مختصرًا، وفي "تفسير ابن جرير" ١١/ ١٠٢، عن ابن عباس، قال: فنبت بالماء كل لون.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٥.
(٥) لم يتبين لي القائل، وقد ذكره المؤلف في "الوسيط" ٢/ ٥٤٣، وذكر نحوه الرازي في "تفسيره" ١٧/ ٧٣، والبغوي في "تفسيره" ٤/ ١٢٨.


الصفحة التالية
Icon