وقوله: ﴿السَّوْءِ﴾ قرئ بفتح السين وضمه (١)، قال الفراء: (فتح السين هو وجه الكلام؛ لأنه مصدر قولك: سؤته سوءًا ومسائية ومساءة (٢) وسوائية، فهذه مصادر (٣)، ومن رفع السين جعله اسمًا كقولك: عليهم دائرة البلاء والعذاب، ولا يجوز ضم السين في قوله: ﴿مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ﴾ [مريم: ٢٨] ولا في قوله: ﴿وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ﴾ [الفتح: ١٢] لأنه ضد لقولك: هذا رجل صدق، وثوب صدق، فليس للسوء هاهنا معنى في عذاب ولا بلاء فيضم) (٤).
وقال الأخفش وأبو عبيد: (من فتح السين فهو كقولك: رجل سوء، وامرأة سوء، ثم تدخل الألف واللام فتقول: رجل السوء، وأنشد الأخفش:

وكنت كذئب السوء لما رأى دمًا بصاحبه يوما أحال (٥) على الدم (٦)
(١) قرأ ابن كثير وأبو عمرو بضم السين، وباقي العشرة بفتحها. انظر: "الغاية في القراءات العشر" ص ١٦٦، وكتاب "إرشاد المبتدي" ص ٣٥٥، و"تقريب النشر" ص ١٢١.
(٢) كررت في (خ).
(٣) ذكر هذه المصادر ابن منظور في "لسان العرب" (سوأ)، وزاد: سوءا -بضم السين- وسواء وسواءة وسواية ومساية ومساء.
(٤) "معاني القرآن" ١/ ٤٥٠.
(٥) في (ح): (أخاك).
(٦) البيت للفرزدق، انظر: ديوانه ٢/ ١٨٧، و"طبقات فحول الشعراء" ١/ ٣٦٢، و"كتاب الحيوان" ٦/ ٢٩٨.
وقوله: أحال على الدم: قال الجاحظ: (الذئبان ربما أقبلا على الإنسان إقبالًا واحداً، وهما سواء على عداوته، والجزم على أكله، فإذا أدمي أحدهما وثب على صاحبه المدمي فمزقه وأكله، وترك الإنسان). انظر: "كتاب الحيوان" ٦/ ٢٩٨.


الصفحة التالية
Icon