٢٧ - قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ﴾، قال ابن عباس في رواية الكلبي: يريد عملوا الشرك (١)، مثل قوله: ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ﴾ [النساء: ١٨].
وقوله تعالى: ﴿جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا﴾ [قال الفراء: رفعت الجزاء بإضمار (لهم)؛ كأنك قلت: فلهم جزاء السيئة بمثلها] (٢)، كما قال: ﴿فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ﴾ [البقرة: ١٩٦]، أي: فعليه، قال: وإن (٣) شئت رفعت الجزاء بالباء في قوله: ﴿بِمِثْلِهَا﴾ والأول أعجب إليّ (٤). هذا كلامه، وزاد ابن الأنباري بيانًا فقال: إذا رفعت الجزاء بالباء أضمرت العائد إلى الموصول، على تقدير: جزاء سيئة منهم بمثلها، فالجزاء مرتفع بالباء و (الذين) يرتفعون برجوع الهاء المضمرة عليهم، وصلح إضمار (منهم) في ذا الموضع كما تقول: رأيت القوم صائم وقائم، يراد: منهم صائم وقائم، كما أنشد الفراء (٥):

= ﴿لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ﴾ [الأنبياء: ١٠١ - ١٠٣]، وقال في غير آية: ﴿فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [البقرة: ٣٨]، وقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا﴾ الآية [فصلت: ٣٠]، وهذا عام فلا يتغير -بفضل الله في موطن من المواطن لا قبل النظر ولا بعده- وجهُ المحسن بسواد من كآبة ولا حزن، ولا يعلوه شيء من دخان جهنم ولا غيره. "الجامع لأحكام القرآن" ٨/ ٣٣٢.
(١) "تنوير المقباس" ص ٢١٢، "زاد المسير" ٤/ ٢٥، "الوسيط" ٢/ ٥٤٥.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ى).
(٣) في (م): (فإن)، والمثبت موافق لما في "معاني القرآن".
(٤) "معاني القرآن" ١/ ٤٦١.
(٥) انظر: "معاني القرآن" ١/ ١٩٣.


الصفحة التالية
Icon