وأما جلدها فصليب (١)
يعني جلودها، وقال أبو علي: ويجوز أن تكون: ﴿كَلِمَتُ رَبِّكَ﴾ التي يراد بها الجنس، وقد أوقع على بعض الجنس، كما أوقع اسم الجنس على بض، كقوله: ﴿وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيْلِ﴾ [الصافات: ١٣٧، ١٣٨]، فأوقع اسم الليل على ذلك الوقت الذي يقرون فيه عليهم وهو بعض الجنس (٢).
القول الثاني: في معنى الكلمة، أنه أراد: حق عليهم ما سبق من علم الله فيهم وما جبلهم عليه من الشقاء، وهذا قول ابن عباس (٣)، وقوله تعالى: ﴿عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا﴾، قال ابن عباس: يريد كذبوا (٤).
قال أهل المعاني: فسقوا في كفرهم، أي تمردوا فيه، والفسق

(١) هذا بعض بيت، وهو بكماله:
بها جِيَف الحسرى فأما عظامها فبِيضٌ وأما جلدها فصليب
والبيت لعلقمه الفحل في "ديوانه" ص ٤٠، "خزانة الأدب" ٧/ ٥٥٩، "شرح أبيات سيبويه" ١/ ٩٣، "كتاب سيبويه" ١/ ٢٠٩.
والشاعر يصف طريقًا شاقًا قطعه حتى يصل إلى ممدوحه، والحسرى: جمع حسير، وهو البعير الذي كلّ وانقطع سيره إعياء أو هزالًا فيتركه أصحابه، وابيضت عظامه: يعني أكلت السباع والطيور ما عليها من لحم، وجلد صليب: أي يابس، أو لم يدبغ. انظر: "شرح أبيات سيبويه"، "خزانة الأدب"، نفس الموضعين السابقين.
(٢) اهـ. كلام أبي علي، انظر: "الحجة للقراء السبعة" ٤/ ٢٧٣.
(٣) رواه بمعناه مختصرًا ابن أبي حاتم ٦/ ١٩٥١، وأبو الشيخ كما في "الدر المنثور" ٣/ ٥٥١.
(٤) "تنوير المقباس" ص ٢١٢، ولفظه: كفروا.


الصفحة التالية
Icon