وقال الضحاك وابن الأنباري: قصر عندهم مقدار الوقت الذي بين موتهم (١) وبعثهم فصار في تقديرهم كالساعة من النهار من هول ما استقبلوه من أمر البعث والقيامة (٢).
وقال آخرون: إنما قصرت عندهم مدة لبثهم في الدنيا لا مدة كونهم في البرزخ، فقوله: ﴿كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا﴾ أي: في الدنيا إلا ساعة من النهار (٣).
وقوله تعالى: ﴿يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ﴾، قال ابن عباس (٤)، والضحاك (٥)، ومقاتل (٦): يتعارفون بينهم حين بعثوا من القبور يعرف بعضهم بعضًا كمعرفتهم في الدنيا، ثم تنقطع المعرفة فلا يعرف أحد أحدًا، قال أبو إسحاق: وفي معرفة بعضهم بعضًا وعلم بعضهم بإضلال بعض التوبيخ لهم وإثبات الحجة عليهم (٧)، وزاد ابن الأنباري بيانًا فقال: ﴿يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ﴾ بتوبيخ (٨) بعضهم بعضًا، فيقول كل فريق للآخر: أنت أضللتني يوم كذا،
(٢) انظر قول الضحاك في "الوسيط" ٢/ ٥٤٩، "زاد المسير" ٤/ ٣٦، وبمعناه في "بحر العلوم" ٢/ ١٠٠.
(٣) هذا قول آخر للضحاك رواه الثعلبي ٧/ ١٦ أ، والبغوي ٤/ ١٣٥، وهو قول مقاتل ابن سليمان في "تفسيره" ١٤٠ ب، والزمخشري في "كشافه" ٢/ ٢٣٩.
(٤) "تفسير الثعلبي" ٧/ ١٦ ب، والبغوي ٤/ ١٣٥، والسمرقندي ٢/ ١٠٠، وابن الجوزي ٤/ ٣٦، وقد تبين من "تفسير السمرقندي" أن الأثر من رواية الكلبي ولا يخفى تهافتها.
(٥) "تفسير السمرقندي" ٢/ ١٠٠.
(٦) "تفسير مقاتل" ١٤٠ ب بمعناه.
(٧) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٢.
(٨) في (ج) و (ز): (توبيخ).