الوجه الثاني: أن تجعله صفة للمصدر على تقدير: ويوم نحشرهم حشرًا (١) كأن لم يلبثوا قبله، ثم فُعِلَ بـ (قبله) ما ذكرنا في الوجه الأول.
الوجه الثالث: أن تجعله حالاً من الضمير المنصوب في ﴿نَحْشُرُهُمْ﴾ والمعنى: نحشرهم مشابهةً أحوالُهم أحوال من لم يلبث إلا ساعة، وأما (يوم) فإنه يصلح أن يكون معمولًا لأحد شيئين؛ أحدهما: أن يكون معمول ﴿يَتَعَارَفُونَ﴾، وينتصب على وجهين؛ أحدهما: أن يكون ظرفًا معناه: يتعارفون في هذا اليوم، والآخر: أن يكون مفعولًا على السعة على:
يا سارقَ الليلةَ أهلِ الدار (٢)
وأهل الدار ما سرقوا وإنما سرق منهم، ولكن جعلوا مفعولًا على السعة، كذلك هاهنا تعارفوا في اليوم فجعل اليوم مفعولًا على السعة، والآخر (٣): أن يكون ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ﴾ معمول ما دلّ عليه قوله: ﴿كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا﴾ ألا ترى أن المعنى: تشابه أحوالهم أحوال من لم يلبث، فيعمل في الظرف هذا المعنى، ولا يمنع المعنى من أن يعمل في الظرف وإن تقدم الظرف عليه، كقولهم: أكلَّ يوم لك ثوب؟ غير أن هذا الوجه ضعيف؛ لأن قوله: ﴿كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا﴾ لا يخلو من أن يكون على أحد (٤) الأوجه الثلاثة التي

(١) في (ي): (نحشرهم جميعًا حشرًا) والجملة ليست من كلام أبي علي في هذا الموضع.
(٢) رجز مجهول القائل وهو من شواهد سيبويه في "الكتاب" ١/ ١٧٥، وانظره بلا نسبة في: "خزانة الأدب" ٣/ ١٠٨، "شرح ديوان الحماسة" للمرزوقي ص ٦٥٥، "المحتسب" ٢/ ٢٩٥.
(٣) يعني الوجه الثاني في العامل في (يوم).
(٤) في (ح) و (ز): (احدى).


الصفحة التالية
Icon