هذا الشفاء وهذه الموعظة بفضل الله، خذف الاسم وأبقى خبره) (١).
ومعنى الإضافة في قوله: ﴿بِفَضْلِ اللَّهِ﴾، قال بعض أهل المعاني: الفضل هاهنا موضع الإفضال، كما أن النبات في موضع الإنبات في قوله: ﴿وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا﴾ [نوح: ١٧]، والمعنى بإفضال الله (٢)، ويجوز أن تكون الإضافة بمعنى الملك، كما يضاف العبد إلى الله بمعنى أن مالك له.
وقوله تعالى: ﴿وَبِرَحْمَتِهِ﴾ أعاد الجار على الأصل كقوله (٣):
يا دار عفراء ودار البَخْدَنِ
وكقولهم: مررت بأخيك وبأبيك، وهذا مما سبق بيانه قديمًا، ومعنى الآية على ما ذكرنا: جاءتكم هذه الموعظة وهذا الشفاء -ويعني به القرآن- بإفضال الله عليكم، وإرادته الخير بكم، ثم قال: ﴿فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾ أشار بذلك إلى القرآن؛ لأن المراد بالموعظة والشفاء القرآن، فترك اللفظ وأشار إلى المعنى. وقال ابن الأنباري: (ذلك) إشارة إلى معنى الفضل والرحمة، تلخيصه: بذلك التطول (٤) فليفرحوا (٥).
قال أبو علي: الجار في قوله ﴿فَبِذَلِكَ﴾ متعلق بـ (ليفرحوا)؛ لأن هذا

(١) ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" ٤/ ٤١.
(٢) لم أقف عليه عند أهل المعاني، وقد ذكره مختصرًا في "تفسيره" ٢/ ٢٩٨.
(٣) البيت لرؤبة في "ديوانه" ص ١٦١، وبعده:
بك المها من مطفل ومشدن
وكتاب سيبويه ٢/ ١٨٨، و"المحكم" ٥/ ٣٤٣، و"اللسان" (بخدن) و"الجمهرة" (١١١٦).
(٤) في (ج): (التطويل)، وهو خطأ، والتطول: التفضل. انظر: "القاموس المحيط" (طول) ص ١٠٢٦.
(٥) "زاد المسير" ٤/ ٤١.


الصفحة التالية
Icon